زواج القاصرات: التأثير على الحياة الاجتماعية وسبل الوقاية

أسماء القحطاني
3 دقيقة للقراءة

مفهوم زواج القاصرات

تعتبر ظاهرة زواج القاصرات من الظواهر الاجتماعيّة المتزايدة على امتداد الوطن العربي، ويعود السبب في ذلك إلى الأوضاع والظروف الاقتصاديّة السائدة، إضافةً إلى الجهل المتفشّي في المجتمعات حول عواقب ومخاطر هذا الزواج، فعدم الوعي الفكري، وعدم إدراك تبعات هذه الظاهرة، وفهم الأمور بصورةٍ مُغايرة لما هي عليه في الواقع يؤدي إلى انتشار هذه الظاهرة، وذلك من اختلال اعتقادهم بأنّ زواج الفتيات القاصرات هو تحصين لهُنّ، وفي الواقع هذا الأمر غير صحيح، حيث يعتبر تدميراً لبراءة الأطفال، بسبب عدم نضوجهم، وإحاطتهم بالمعنى الحقيقي للزواج وما يتبعه من أعباء ومسؤوليّات جِسام.

إنشاء الأسرة وزواج القاصرات

تُعتبر الأسرة هي اللبنة الأساسيّة لأي مجتمع، ولهذا وجب الاعتناء بأسس تكوينها من قِبَل المجتمعات، إضافةً إلى السعي والتأكيد على أسس ترابطها، وذلك بهدف تماسكها، وضمان استمراريتها منذ اللحظة الأولى لعقْد القران بين الزوجين.

ولهذا وجب وضع ضوابط لتأسيس أي أسرة، بدءاً من اللحظة الأولى لاختيار الأزواج المقبلين على بناء الأسرة أو رعايتها، ومن هنا يُمكن إدراك مدى أهميّة وخطورة زواج القاصر، حيث يُعتبر هذا المصطلح حديثاً نوعاً ما؛ لأنه في الأصل يطلق عليه زواج الصغيرة، إضافة لكل ما يحيط بهذا الزواج من سلبيّات وإيجابيّات إن وجدت في الواقع المُعاصر.

سنّت العديد من الدول قوانين ضمن قوانين الأحوال الشخصيّة لإضافة هذا النوع من الزواج، بحيث يحدد هذا القانون سنًّا معينةً بالنسبة للذكور والإناث تؤهلهم فيها للزواج، وعدم السماح للقضاة الشرعيين بسماع أيّة دعوة للزواج يقلّ فيها سن أحد الزوجين عن العمر الذي حدّده القانون بثمانية عشر عامًا، ووفقاً عليه يجب تقديم أسباب مقنعة للقاضي لإتمام هذا الزواج.

أسباب زواج القاصرات

من أسباب زواج القاصرات ما يأتي:

الجهل

الجهل الذي ينتشر بين أولياء الأمور يدفعهم لتزويج بناتهم في سنٍ مبكّرة دون إدراكهم بأنها ما تزال صغيرة، ولن تتمكّن من تحمّل الزواج بكافة تبعياته من مسؤوليّة رعاية بيت، وزوج، وحمل، وإنجاب، وتربية، وتكوين أسرة، دون أدنى اهتمام بمستقبل تلك الصغيرة، وكلّ ما ينتظرها نتيجة هذا الارتباط.

الفقر

يُعتبر الفقر من الأسباب المُهمّة والرئيسة التي تدفع الأهل لتزويج بناتهم، وذلك للتخفيف من العبء المالي لفرد من أفراد الأسرة، والمتمثل بتزويجها، أو طمعًا في الحصول على مردود مالي من وراء تزويجها ليُحسّن به الأب من وضعه الاقتصادي، وهنا تظهر الفتاة كأنها صفقة تجاريّة دون النظر إلى إنسانيتها المتمثّلة في حقها بالحياة، واختيار شريك حياتها، وهذا الأمر يعادل تماماً الاتجار بالبشر.

الخوف

الخوف هاجس يُلاحق أولياء الأمور بسبب تفشّي وانتشار ظاهرة العنوسة، الأمر الذي يدفعهم لتزويج بناتهم، للتخلّص منهنّ دون الخوف عليهنّ من المستقبل الذي ينتظرهنّ.

الموروث الاجتماعي

تساعد التركيبة الاجتماعيّة للقبائل وعلى وجه التحديد في المناطق الريفيّة هذا النوع من الزواج، حيث يرون أنّه أمرٌ مقبول في أعراف تلك القبائل، وإتمامه خاضع لرغبة أولياء الأمور دون إعارة الاهتمام للفتيات ورغباتهن، وكينونتهن، وكرامتهن، وحقهنّ في الاختيار.

شارك في هذا المقال
أنا أسماء القحطاني، كاتبة شغوفة باستكشاف أعماق الحياة والمجتمع من خلال كلماتي. حصلت على درجة البكالوريوس في علم الاجتماع من جامعة الملك سعود، مما ساعدني على فهم الديناميكيات الاجتماعية والثقافية التي تشكل حياتنا. على مدار السنوات الخمس الماضية، كتبت مقالات وتدوينات تسلط الضوء على قضايا المجتمع، ونشرت أعمالي في عدة منصات إلكترونية ومجلات محلية. أؤمن بأن الكتابة أداة قوية لإلهام التغيير وتعزيز الوعي. أسعى دائمًا لتقديم محتوى يعكس الواقع بصدق، ويحفز القراء على التفكير والتفاعل مع محيطهم. شغفي يكمن في سرد القصص الإنسانية التي تلمس القلوب وتترك أثرًا.
Leave a Comment