تحليل قصيدة البطحاء: اكتشاف الجمال والحكمة بأسلوب آدابي

شيماء الصاعدي
4 دقيقة للقراءة

قصيدة: هذا الذي‌ تعرف البطحاء وطأته

قال الفرزدق:

يَا سَـائِلِي‌ أَيْنَ حَـلَّ الجُـودُ وَالكَـرَمُ

عِنْـدِي‌ بَـيَـانٌ إذَا طُـلاَّبُـهُ قَـدِمُـوا

هَذَا الذي‌ تَعْـرِفُ البَطْـحَاءُ وَطْـأَتَـهُ

وَالبَـيْـتُ يَعْـرِفُـهُ وَالحِـلُّ وَالحَـرَمُ

هَذَا ابْنُ خَيْرِ عِبَادِ اللَهِ كُلِّهِمُ

هَذَا التَّقِي‌ النَّقِي‌ الطَّاهِرُ العَلَمُ

هَذَا الذي‌ أحْمَدُ المُخْتَارُ وَالِدُهُ

صَلَّي‌ عَلَیهِ إلَهِي‌ مَا جَرَي‌ القَلَمُ

لَوْ يَعْلَمُ الرُّكْنُ مَنْ قَدْ جَاءَ يَلْثِمُهُ

لَخَرَّ يَلْثِمُ مِنْهُ مَا وَطَي‌ القَدَمُ

هَذَا علی رَسُولُ اللَهِ وَالِدُهُ

أَمْسَتْ بِنُورِ هُدَاهُ تَهْتَدِي‌ الاُمَمُ

هَذَا الَّذِي‌ عَمُّهُ الطَّيَّارُ جَعْفَرٌ

وَالمَقْتُولُ حَمْزَةُ لَيْثٌ حُبُّهُ قَسَمُ

هَذَا ابْنُ سَيِّدَةِ النِّسْوَانِ فَاطِمَةٍ

وَابْنُ الوَصِيِّ الَّذِي‌ في‌ سَيْفِهِ نِقَمُ

إذَا رَأتْهُ قُرَيْشٌ قَالَ قَائِلُهَا

إلَی‌ مَكَارِمِ هَذَا يَنْتَهِي‌ الكَرَمُ

يَكَادُ يُمْسِكُهُ عِرْفَانَ راحته

رُكْنُ الحَطِيمِ إذَا مَا جَاءَ يَسْتَلِمُ

وَلَيْسَ قُولُكَ: مَنْ هَذَا؟ بِضَائِرِهِ

العُرْبُ تَعْرِفُ مَنْ أنْكَرْتَ وَالعَجَمُ

يُنْمَي‌ إلَی‌ ذَرْوَةِ العِزِّ الَّتِي‌ قَصُرَتْ

عَنْ نَيْلِهَا عَرَبُ الإسْلاَمِ وَالعَجَمُ

يُغْضِي‌ حَيَاءً وَيُغْضَي‌ مِنْ مَهَابَتِهِ

فَمَا يُكَلَّمُ إلاَّ حِينَ يَبْتَسِمُ

يَنْجَابُ نُورُ الدُّجَي‌ عَنْ نُورِ غُرِّتِهِ

كَالشَّمْسِ يَنْجَابُ عَنْ إشْرَاقِهَا الظُّلَمُ

بِكَفِّهِ خَيْزُرَانٌ رِيحُهُ عَبِقٌ

مِنْ كَفِّ أَرْوَعَ فِي‌ عِرْنِينِهِ شَمَمُ

مَا قَالَ: لاَ قَطُّ، إلاَّ فِي‌ تَشَهُّدِهِ

لَوْلاَ التَّشَهُّدُ كَانَتْ لاَؤهُ نَعَمُ

مُشتَقَّةٌ مِنْ رَسُولِ اللَهِ نَبْعَتُهُ

طَابَتْ عَنَاصِرُهُ وَالخِيمُ وَالشِّيَمُ

حَمَّالُ أثْقَالِ أَقْوَامٍ إذَا فُدِحُوا

حُلْوُ الشَّمَائِلِ تَحْلُو عِنْدَهُ نَعَمُ

إنْ قَالَ قَالَ بمِا يَهْوَي‌ جَمِيعُهُمُ

وَإنْ تَكَلَّمَ يَوْمًا زَانَهُ الكَلِمُ

هَذَا ابْنُ فَاطِمَةٍ إنْ كُنْتَ جَاهِلَهُ

بِجَدِّهِ أنبِيَاءُ اللَهِ قَدْ خُتِمُوا

اللهُ فَضَّلَهُ قِدْماً وَشَرَّفَهُ

جَرَي‌ بِذَاكَ لَهُ فِي‌ لَوْحِهِ القَلَمُ

مَنْ جَدُّهُ دَانَ فَضْلُ الآنْبِيَاءِ لَهُ

وَفَضْلُ أُمَّتِهِ دَانَتْ لَهَا الاُمَمُ

عَمَّ البَرِيَّةَ بِالإحْسَانِ وَانْقَشَعَتْ

عَنْهَا العِمَأيَةُ وَالإمْلاَقُ وَالظُّلَمُ

كِلْتَا يَدَيْهِ غِيَاثٌ عَمَّ نَفْعُهُمَا

يُسْتَوْكَفَانِ وَلاَ يَعْرُوهُمَا عَدَمُ

سَهْلُ الخَلِيقَةِ لاَ تُخْشَي‌ بَوَادِرُهُ

يَزِينُهُ خَصْلَتَانِ: الحِلْمُ وَالكَرَمُ

لاَ يُخْلِفُ الوَعْدَ مَيْمُونًا نَقِيبَتُهُ

رَحْبُ الفِنَاءِ أَرِيبٌ حِينَ يُعْتَرَمُ

مِنْ مَعْشَرٍ حُبُّهُمْ دِينٌ وَبُغْضُهُمُ

كُفْرٌ وَقُرْبُهُمُ مَنْجيً وَمُعْتَصَمُ

يُسْتَدْفَعُ السُّوءُ وَالبَلْوَي‌ بِحُبِّهِمُ

وَيُسْتَزَادُ بِهِ الإحْسَانُ وَالنِّعَمُ

مُقَدَّمٌ بَعْدَ ذِكْرِ اللَهِ ذِكْرُهُمْ

فِي‌ كُلِّ فَرْضٍ وَمَخْتُومٌ بِهِ الكَلِمُ

إنْ عُدَّ أهْلُ التُّقَي‌ كَانُوا أئمَّتَهُمْ

أوْ قِيلَ: مَنْ خَيْرُ أَهْلِ الارْضِ قِيلَ: هُمُ

لاَ يَسْتَطِيعُ جَوَادٌ بُعْدَ غَأيَتِهِمْ

وَلاَ يُدَانِيهِمُ قَوْمٌ وَإنْ كَرُمُوا

هُمُ الغُيُوثُ إذَا مَا أزْمَةٌ أزَمَتْ

وَالاُسْدُ أُسْدُ الشَّرَي‌ وَالبَأْسُ مُحْتَدِمُ

يَأبَي‌ لَهُمْ أَنْ يَحِلَّ الذَّمُّ سَاحَتَهُمْ

خِيمٌ كَرِيمٌ وَأيْدٍ بِالنَّدَي‌ هُضُمُ

لاَ يَقْبِضُ العُسْرُ بَسْطًا مِنْ أكُفِّهِمُ

سِيَّانِ ذَلِكَ إنْ أثْرَوْا وَإنْ عَدِمُوا

أيٌّ القَبَائِلِ لَيْسَتْ فِي‌ رَقَابِهِمُ

لاِوَّلِيَّةِ هَذَا أوْ لَهُ نِعَمُ

مَنْ يَعْرِفِ اللَهَ يَعْرِفْ أوَّلِيَّةَ ذَا

فَالدِّينُ مِنْ بَيْتِ هَذَا نَالَهُ الاُمَمُ

بُيُوتُهُمْ مِنْ قُرَيْشٍ يُسْتَضَاءُ بِهَا

فِي‌ النَّائِبَاتِ وَعِنْدَ الحُكْمِ إنْ حَكَمُوا

فَجَدُّهُ مِنْ قُرَيْشٍ فِي‌ أُرُومَتِهَا

مُحَمَّدٌ وَعليّ بَعْدَهُ عَلَمُ

بَدرٌ له‌ شَاهِدٌ وَالشِّعْبُ مِنْ أُحُدٍ

والخَنْدَقَانِ وَيَومُ الفَتْحِ قَدْ عَلِمُوا

وَخَيْبَرٌ وَحُنَيْنٌ يَشْهَدَانِ لَهُ

وَفِي‌ قُرَيْضَةَ يَوْمٌ صَيْلَمٌ قَتَمُ

مَوَاطِنٌ قَدْ عَلَتْ فِي‌ كُلِّ نائِبَةٍ

علی‌ الصَّحَابَةِ لَمْ أَكْتُمْ كَمَا كَتَمُو

قصائد أخرى للفرزدق

من القصائد الأخرى للفرزدق ما يأتي:

قصيدة: أبا حاتم قد كان عمك رامني

أَبا حاتِمٍ قَد كانَ عَمُّكَ رامَني

زِيادًا فَأَلفاني اِمرَأً غَيرَ نائِمِ

أَبا حاتِمٍ ما حاتِمٌ في زَمانِهِ

بِأَفضَلَ جودًا مِنكَ عِندَ العَظائِمِ

فَهَل أَنتَ إِن أَعتَبتُكَ اليَومَ تارِكي

وَبُؤتُ بِذَنبي يا اِبنَ باني الدَعائِمِ

أَبوكَ الَّذي ما كانَ في الناسِ مِثلُهُ

إِذا نَزَلَت بِالمِصرِ إِحدى الصَيالِمِ

بَهاليلُ مَعروفونَ بِالحِلمِ وَالتُقى

وَآسادُها في المَأزِقِ المُتَلاحِمِ

قصيدة: إنّ الذين استحلوا كل فاحشة

إِنَّ الَّذينَ اِستَحَلّوا كُلَّ فاحِشَةٍ

مِنَ المَحارِمِ بَعدَ النَقضِ لِلذِمَمِ

قَومٍ أَتَوا مِن سَجِستانٍ عَلى عَجَلٍ

مُنافِقونَ بِلا حِلٍّ وَلا حَرَمِ

ما كانَ فيهِم وَقَد هُمَّت أُمورُهُمُ

مَن يُستَجارُ عَلى الإِسلامِ وَالحُرَمِ

يَستَفتِحونَ بِمَن لَم تَسمُ سورَتُهُ

بَينَ الطَوالِعِ بِالأَيدي إِلى الكَرَمِ
شارك في هذا المقال
أنا شيماء الصاعدي، كاتبة شغوفة بمجال الآداب، حيث أجد في الكلمات وسيلة للتعبير عن أعمق المشاعر والأفكار. حصلت على درجة البكالوريوس في الأدب العربي من جامعة القاهرة، ومنذ ذلك الحين كرست حياتي لدراسة وكتابة النصوص الأدبية التي تحاكي الروح الإنسانية. لدي خبرة تمتد لأكثر من خمس سنوات في كتابة المقالات النقدية والقصص القصيرة التي تنشر في مجلات أدبية مرموقة. أسعى دائمًا لاستكشاف الأبعاد الثقافية والتاريخية في الأدب، وأؤمن بأن الكتابة هي جسر يربط بين الحضارات والأجيال. شغفي يكمن في صياغة النصوص التي تترك أثرًا في قلوب القراء وتدفعهم للتفكير والتأمل.
Leave a Comment