حكم وأقوال ملهمة: عودة محملة بالشوق والحنين

عبدالله الجهني
2 دقيقة للقراءة

قصة مثل عاد بخفي حنين

يُقال في قصة هذا المثل أنّ حنيناً كان إسكافيا (صانع أحذية) بارعاً في منطقة الحيرة، له محل يعرض فيه بضاعته، وفي أحد الأيام جاءه أعرابيّ يريد الشراء على حد قوله، وبدأ يقلّب في البضاعة يمنة ويسرة، ويسأل عن سعر هذا الشيء وذاك، ويقول هذا جميل لو أنّه كذا، وذاك مناسب إلّا أنّه كذا، إلى أن أعجبه خفّين سأل حنين عن سعرهما فاستكثرهما، فأخذ يساومه على ثمنهما لوقت طويل أشغل خلاله حنين عن زبائنه ولكنّهما اختلفا في النهاية، فالأعرابي أراد الشراء بثمن بخس، وبعد جدال رحل الأعرابيّ دون أن يشتري الخفين من حنين، ممّا أثار حنقه واستفزّه، على وقته المهدور سدى وجهده المبذول بلا طائل، وعلى هذا أراد حنين الانتقام من الرجل بنفسه، ففكّر ثمّ دبّر، وقام وأخذ الخفين وسبق الأعرابيّ في طريقه، ثمّ ألقى الخفّ الأول في الطريق، ومشى مسافة وألقى الخفّ الثاني بعدها، واختبأ حتى يراقب الأعرابيّ من بعيد.

نهاية القصة

ركب الأعرابي دابّته ومشى في طريقه إلى أن وجد الخف الأول، فقال في نفسه: هذا الخفّ يشبه خفّ حنين، فلو كان الخفّان معاً لأخذتهما وانتفعتُ بهما، ثمّ تابع مسيره وعلى مسافة ليست ببعيدة وجد الخف الآخر! فما كان منه إلّا أن ترك دابّته ورجع مسرعاً ليأتي بالخف الأول، وفي تلك الأثناء انتقم حنين منه وسرق دابّته ومتاعه، ولمّا عاد الأعرابي فرحاً بالخفّين لم يجد من متاعه ولا دابته التي تحمله شيئاً، فجلس يندب حظّه، ولمّا عاد الأعرابي إلى قومه خائباً سألوه “بما جئتنا من سفرك؟” قال لهم: جئتكم بخفيّ حنين، وهكذا جرى المثل على السنة الناس جيل بعد جيل.

المواقف التي يُستخدم فيها المثل

يستخدم مثل “رجع بخفي حنين” في الحالات التي يقصد بها الإنسان غاية ما، أو يعزم فيها على تحقيق أمر معين لكنّه يعود جارّاً أذيال الخيبة لم يحقٌّ رجاءه، لا سيما إن كان طامعاً فيه مؤمّلاً في تحقيقه، كما يُقال أيضاً للتعبير عن اليأس من انقضاء حاجة لا أمل فيها.

شارك في هذا المقال
أنا عبدالله الجهني، كاتب شغوف بعالم الحكم والأقوال التي تحمل في طياتها دروس الحياة وتجارب الأجيال. بدأت رحلتي في الكتابة منذ أكثر من عشر سنوات، حيث درست الأدب العربي في جامعة الملك عبدالعزيز وحصلت على درجة البكالوريوس فيه. أؤمن بأن الكلمة لها قوة سحرية قادرة على إلهام الآخرين وتغيير وجهات نظرهم. خلال مسيرتي، نشرت العديد من المقالات والمجموعات التي تركز على الحكمة والتأمل، وأسعى دائمًا لنقل الإلهام من خلال كتاباتي. شغفي يكمن في صياغة عبارات موجزة تحمل معاني عميقة تلامس القلوب وتدفع للتفكير. أهدف إلى بناء جسر بين الماضي والحاضر من خلال استعراض حكم السابقين بأسلوب معاصر.
Leave a Comment