صفات يحيى عليه السلام

صفات النبي يحيى -عليه السّلام-

صفاته الخَلقية – هيأته

كان يحيى -عليه السلام- جميل الوجه،¹ لَيِّناً، قليل الشعر، قصير الأصابع، طويل الأنف، مقرون الحاجبين، رقيق الصوت، كثير العبادة،² قويَّ الطاعة،³ أقرن الحاجبين.⁴

صفاته الخُلقية

كان يحيى -عليه السلام- نبيّاً، وسيداً كريماً، وحصوراً؛ أي يمنع نفسه عن الشهوات، ويَملك نزعات نفسه، ووصفه الله بقوله: (فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّـهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِّنَ اللَّـهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِّنَ الصَّالِحِينَ)،⁵² كما وصفه الله -تعالى- بالتقوى، وأنَّه كان باراً بوالديّه، وطاهراً نظيفاً، قويّاً في الحقَّ، فقال الله -تعالى- عنه: (وَحَنانًا مِن لَدُنّا وَزَكاةً وَكانَ تَقِيًّا* وَبَرًّا بِوالِدَيهِ وَلَم يَكُن جَبّارًا عَصِيًّا)،⁶⁷

أعطاه الله -تعالى- العلم والحكمة وهو صغير، وجاء عن عبد الله بن مُبارك، قال معمر: “قال الصبيان ليحيي بن زكريا: اذهب والعب معنا”، فقال: “ما للعب خُلقنا”، وأعطاه الله -تعالى- الحُكم وهو صبي، فكان مُباركاً للناس؛ يهديهم إلى الخير، ويُبعدُهم عن المعاصي،⁸ كما أنَّه كان مُقبلاً على الخير، مُجتهداً فيه مُنذُ صِغره، وأعطاه الله -تعالى- الفهم، والعلم، والعزم،⁹ قال قتادة: “كان عُمره آنذاك ثلاث سنين”، وجاء عن ابن عباس: “أنَّه كان سبع سنين”.¹⁰

كما أنَّه كان ذا شفقةٍ ورحمة، ومحبَّة، ومن صفاته أنَّه كان مُحبَّاً للخير، وطائعاً الله -تعالى-، مُتواضعاً، بعيداً عن المعاصي، والتكبُّر على الناس،¹¹ كما أنَّه كان نبيّاً ذا حنانٍ وعطف،¹² مُحبَّاً للطهارة من الإثم والذُنوب، مُجتنباً للمُحرَّمات،¹³ كثير البِرِّ بوالديّه والإحسان إليهما، بعيداً عن الطُغيان والتكبُّر،¹⁴ مُتواضعاً للناس، فقد وصفه الله -تعالى- بأنَّه لم يكُن جبَّاراً عصياً؛¹⁵ أي لم يكُن جبَّاراً إذا غضب، فلم يكن حينها ليقتل، أو يظلم، أو يشتم، أو يعتدى.¹⁶

التعريف بالنبي يحيى عليه السلام

يُعدُّ يحيى ابن زكريا -عليهما السلام-، وهو أوّل من تسمّى بيحيى، ومات مقتولاً في حياة أبيه؛ فكان شهيداً، والشُهداءُ أحياءٌ عند ربهم، فناسب الاسم المسمَّى، وهو ابنُ خالة عيسى -عليه السلام-، ويذكُر أهلُ التاريخ أنّه مات صغيراً،¹⁷ وورد ذكره في القُرآن خمس مرات، في سور: آل عمران، والأنعام، وفي مريم مرتين، والأنبياء، وذكر القُرآن أنَّه كان تقياً صالحاً مًنذُ صغره،¹⁸ ولد قبل المسيح بستَّةِ أشهُر، وسمّاهُ أبوه زكريا بيحيى؛ بشرى في أن يُعمِّر طويلاً، ودليلٌ على أنَّ قلبه حيٌّ بالمحبَّة، والطاعة، والذكر، والعلم، والعِصمة.²

وجاء عن ابن إسحاق أنَّه ابنُ خالة أمُّ عيسى مريم -عليها السلام-، وَوُلِد قبل عيسى -عليه السلام- بثلاث سنين، وقيل: ستَّة أشهر، وقيل أنَّ يحيى هو من صبغه -عمَّده وغمسه في نهر الأردن-،¹⁹ وكان أوّل من آمن بعيسى -عليه السلام-،²وكانت ولادة يحيى -عليه السلام- من المُعجزات؛ حيثُ وُلد من أُمٍّ عاقر، وأبٍ كبير، وذكر الله -تعالى- ذلك بقوله: (يا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ اسْمُهُ يَحْيى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا* قالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَكانَتِ امْرَأَتِي عاقِراً وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا).^20[٢١]

ولما وُلد سمّاه أبوه يحيى؛ لأنَّ الله -تعالى- أحياه بالنبوّة والإيمان، وقيل لأنّ الله -تعالى- أحيا به الناس بالتديّن،^[٢١] وقُتل يحيى في حياة أبيه، وكان ذلك على يد جُنود الملك الطاغية هيرودس وهو يُصلِّي في المحراب، بعد أن بيّن له حُرمة زواجه من ابنه أخيه.^[٢٢]