إستكشاف جمال الأندلس في قصائد شعرية: روعة الأدب والجمال في تلك الحقبة

شيماء الصاعدي
4 دقيقة للقراءة

قصيدة: واعمُر بقصر الملك ناديك الذي

قال ابن حمديس: 1

قصرٌ لوَ أنك قد كحلتَ بنوره

:::أعمى لعادَ إلى المقام بصيرا

واشتقّ من معنى الحياة نسيمه

:::فيكادُ يُحْدِثُ للعظام نُشورا

نُسيَ الصبيحُ مع المليح بذكره

:::وسما ففاقَ خورنقًا وسديرا

ولوَ أن بالألوان قوبلَ حسنُهُ

:::ما كان شيءٌ عنده مذكورا

أعيت مصانعه على الفُرْسِ الآلي

:::رفعوا البناء وأحكموا التدبيرا

ومضَتْ على الرّومْ الدهورُ وما بنوْا

:::لملوكهم شَبَهًا له ونظيرا

أذكرْتَنَا الفرْدوْس حينَ أرَيْتَنَا

:::غُرَفًا رفعتَ بناءَها وقصورا

فالمحسنون تَزَيّدوا أعمالهمْ

:::وَرَجَوْا بذلك جَنّةً وحريرا

والمذنبون هُدوا الصراطَ وَكفّرَتْ

:::حسناتُهُمْ لذنوبهم تكفيرا

فَلَكٌ من الأفلاكِ إلّا أنّهُ

:::حَقَرَ البدورَ فأطلعَ المنصورا

أبصرتُهُ فرأيتُ أبدعَ منظرٍ

:::ثم انثنيتُ بناظري محسورا

وظننتُ أني حالمٌ في جَنّةٍ

:::لمّا رأيتُ الملكَ فيه كبيرا

وإذا الولائدُ فَتّحَتْ أبوابَهُ

:::جَعَلَتْ ترحّبُ بالعُفاةِ صريرا

عَضّتْ على حلقاتهنّ ضراغمٌ

:::فَغَرَتْ بها أفواهَها تكسيرا

فكأنّها لَبَدَتْ لتهصرَ عندها

:::من لم يكنْ بدخوله مأمورا

تجري الخواطرُ مطلقاتِ أعنةٍ

:::فيه فتكبو عن مداه قصورا

بمرخَّم الساحاتِ تحسبُ أنّهُ

:::فُرِشَ المَها وتَوَشّحَ الكافورا

ومحصَّبٍ بالدرّ تحسبُ تربَهُ

:::مسكًا تَضَوّعَ نشره وعبيرا

يستخلفُ الإصباحُ منه إذا انقضى

:::صبحاً على غَسَقِ الظلام منيرا

وضراغمٌ سَكَنَتْ عرينَ رئاسةٍ

تركتْ خريرَ الماء فيه زئيرا

فكأنّما غَشّى النّضارُ جُسومَهَا

:::وأذابَ في أفواهِها البلّورا

أُسْدٌ كأنّ سكونَها متحرّكٌ

:::في النفس لو وجدتْ هناك مثيرا

وتذكّرَتْ فتكاتها فكأنّما

:::أقعتْ على أدبارها لتثورا

قصيدة: إنّ للجنة في الأندلس

قال ابن خفاجة: 2

إِنَّ لِلجَنَّةِ في الأَندَلُسِ

:::مُجتَلى حُسنٍ وَرَيّا نَفَسِ

فَسَنا صُبحَتِها مِن شَنَبٍ

:::وَدُجى ظُلمَتِها مِن لَعَسِ

فَإِذا ما هَبَّتِ الريحُ صَبّاً

:::صِحتُ وا شَوقي إِلى الأَندَلُسِ

قصيدة: لله نهر سال في بطحاء

قال ابن خفاجة:3

لِلَّهِ نَهرٌ سالَ في بَطحاءِ

:::أَشهى وُرودًا مِن لِمى الحَسناءِ

مُتَعَطِّفٌ مِثلَ السِوارِ كَأَنَّهُ

:::وَالزَهرُ يَكنُفُهُ مَجَرُّ سَماءِ

قَد رَقَّ حَتّى ظُنَّ قُرصًا مُفرَغًا

:::مِن فَضَّةٍ في بُردَةٍ خَضراءِ

وَغَدَت تَحُفُّ بِهِ الغُصونُ كَأَنَّها

:::هُدبٌ يَحُفُّ بِمُقلَةٍ زَرقاءِ

وَلَطالَما عاطَيتُ فيهِ مُدامَةً

:::صَفراءَ تَخضِبُ أَيدِيَ النُدَماءِ

وَالريحُ تَعبَثُ بِالغُصونِ وَقَد جَرى

:::ذَهَبُ الأَصيلِ عَلى لُجَينِ الماءِ

قصيدة: ومطَّرد الأجزاء يصقل مَتْنَه

قال ابن حمديس:4

وَمُطَّرِدِ الأَجزاءِ يَصقُلُ مَتْنَهُ

:::صَبا أَعْلَنَتْ لِلعَينِ ما في ضَميرهِ

جَريحٌ بِأَطرافِ الحَصى كُلَّما جَرى

:::عَلَيها شَكا أَوجاعَهُ بِخَريرِهِ

كَأَنَّ حُبَابًا ريعَ تَحتَ حَبَابِهِ

:::فَأَقبَلَ يُلْقي نَفسَهُ في غَديرِهِ

شَرِبنا على حافاتِهِ دَوْرَ سَكرَةٍ

:::وأقْتَلُ سُكْرًا منه لَحْظُ مديرِهِ

كأَنَّ الدُّجى خَطُّ المَجَرَّةِ بَينَنا

:::وَقَد كُلّلَتْ حافاتُهُ بِبُدورِهِ

وَقَد لاحَ نَجمُ الصُّبحِ حَتَّى كَأَنَّهُ

:::مَطرِقُ جَيشٍ مُؤذِنٌ بِأَميرِهِ

كَلِفتُ بِكاساتِ الصّبوحِ مُبَكِّرًا

:::وَكَم بَرَكاتٍ لِلفَتى في بُكورِهِ

هُوَ العيشُ فاغنمْ من زمانك صَفْوَهُ

:::وَصِدْ قَنَصَ اللَّذَّاتِ قبل مُثيرِهِ

قصيدة: بلنسية إذا فكَّرت فيها

قال ابن الزقاق:5

بلنسيةُ إذا فكَّرتَ فيها

:::وفي آياتها أسْنَى البلاد

وأعظمُ شاهدي منها عليها

:::بأنَّ جمالَها للعينِ باد

كساها ربُّنا ديباجَ حُسْنٍ

:::له عَلَمانِ مِنْ بحرٍ وواد

قصيدة: وأراكة ضربت سماء فوقنا

قال ابن خفاجة:6

وَأَراكَةٍ ضَرَبَت سَماءً فَوقَنا

:::تَندى وَأَفلاكُ الكُؤوسِ تُدارُ

حَفَّت بِدَوحَتِها مَجَرَّةُ جَدوَلٍ

:::نَثَرَت عَلَيهِ نُجومَها الأَزهارُ

وَكَأَنَّها وَكَأَنَّ جَدوَلَ مائِها

:::حَسناءُ شُدَّ بِخَصرِها زِنّارُ

زَفَّ الزُجاجُ بِها عَروسَ مُدامَةٍ

:::تُجلى وَنُوّارُ الغُصونِ نِثارُ

في رَوضَةٍ جِنحُ الدُجى ظِلٌّ بِها

:::وَتَجَسَّمَت نَورًا بِها الأَنوارُ

المراجع

  1. “واعمُرْ بقصرِ المُلْك ناديكَ الذي”، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 1/2/2022.
  2. “إِنَّ لِلجَنَّةِ في الأَندَلُسِ”، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 1/2/2022.
  3. عمر الطباع، ديوان ابن خفاجة، صفحة 12. بتصرّف.
  4. “وَمُطَّرِدِ الأَجزاءِ يَصقُلُ مَتْنَهُ”، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 1/2/2022.
  5. “بلنسيةُ إذا فكَّرتَ فيها”، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 1/2/2022.
  6. عمر الطباع، ديوان ابن خفاجة، صفحة 115. بتصرّف.
شارك في هذا المقال
أنا شيماء الصاعدي، كاتبة شغوفة بمجال الآداب، حيث أجد في الكلمات وسيلة للتعبير عن أعمق المشاعر والأفكار. حصلت على درجة البكالوريوس في الأدب العربي من جامعة القاهرة، ومنذ ذلك الحين كرست حياتي لدراسة وكتابة النصوص الأدبية التي تحاكي الروح الإنسانية. لدي خبرة تمتد لأكثر من خمس سنوات في كتابة المقالات النقدية والقصص القصيرة التي تنشر في مجلات أدبية مرموقة. أسعى دائمًا لاستكشاف الأبعاد الثقافية والتاريخية في الأدب، وأؤمن بأن الكتابة هي جسر يربط بين الحضارات والأجيال. شغفي يكمن في صياغة النصوص التي تترك أثرًا في قلوب القراء وتدفعهم للتفكير والتأمل.
Leave a Comment