نص قصيدة عذب بما شئت لابن الفارض
قال ابن الفارض في قصيدته:1
ما بَيْنَ مُعْتَركِ الأحداقِ والمُهَجِ
-
-
- أنا القَتِيلُ بلا إثمٍ ولا حَرَجِ
-
ودّعتُ قبل الهوى روحي لما نَظَرْتَ
-
-
- عينايَ مِنْ حُسْنِ ذاك المنظرِ البَهجِ
-
للَّهِ أجفانُ عَينٍ فيكَ ساهِرةٍ
-
-
- شوقاً إليكَ وقلبٌ بالغَرامِ شَجِ
-
وأضلُعٌ نَحِلَتْ كادتْ تُقَوِّمُها
-
-
- من الجوى كبِدي الحرّا من العِوَجِ
-
وأدمُعٌ هَمَلَتْ لولا التنفّس مِن
-
-
- نارِ الهَوى لم أكدْ أنجو من اللُّجَجِ
-
وحَبّذَا فيكَ أسْقامٌ خَفيتَ بها
-
-
- عنّي تقومُ بها عند الهوى حُجَجي
-
أصبَحتُ فيكَ كما أمسيَتُ مكْتَئِباً
-
-
- ولم أقُلْ جَزَعاً يا أزمَةُ انفَرجي
-
أهْفُو إلى كلّ قَلْبٍ بالغرام لهُ
-
-
- شُغْلٌ وكُلِّ لسانٍ بالهوى لَهِجِ
-
وكُلِّ سَمعٍ عن اللاحي به صَمَمٌ
-
-
- وكلِّ جَفنٍ إلى الإِغفاء لم يَعُجِ
-
لا كانَ وَجْدٌ بِه الآماقُ جامدةٌ
-
-
- ولا غرامٌ به الأشواقُ لم تَهِجِ
-
عذّب بما شئتَ غيرَ البُعدِ عنكَ تجدْ
-
-
- أوفى محِبّ بما يُرضيكَ مُبْتَهجِ
-
وخُذْ بقيّةَ ما أبقَيتَ من رمَقٍ
-
-
- لا خيرَ في الحبّ إن أبقى على المُهجِ
-
مَن لي بإتلاف روحي في هوَى رَشَأٍ
-
-
- حُلْوِ الشمائل بالأرواحِ مُمتَزِجِ
-
مَن ماتَ فيه غَراماً عاشَ مُرْتَقِياً
-
-
- ما بينَ أهلِ الهوَى في أرفع الدّرَجِ
-
مُحَجَّبٌ لو سَرى في مِثلِ طُرَّتِهِ
-
-
- أغنَتْهُ غُرّتُهُ الغَرّا عن السُّرُجِ
-
وإن ضَلِلْتُ بلَيْلٍ من ذوائِبهِ
-
-
- أهدى لعيني الهدى صُبحٌ من البَلجِ
-
وإن تنَفّس قال المِسْكُ مُعْترفاً
-
-
- لعارفي طِيبِه مِن نَشْرِهِ أَرَجي
-
أعوامُ إقبالِهِ كاليَّومِ في قِصَرٍ
-
-
- ويومُ إعراضِه في الطّول كالحِججِ
-
فإن نأى سائراً يا مُهجَتي ارتحلي
-
-
- وإن دَنا زائراً يا مُقلتي ابتهِجي
-
قُل للّذي لامني فيه وعنّفَني
-
-
- دعني وشأني وعُد عن نُصْحك السمِجِ
-
فاللّوْمُ لؤمٌ ولم يُمْدَحْ بِهِ أحَدٌ
-
-
- وهل رأيتَ مُحِبّاً بالغرام هُجي
-
يا ساكِنَ القلبِ لا تنظُرْ إلى سكَني
-
-
- وارْبَحْ فؤادك واحذَرْ فتنةَ الدّعجِ
-
يا صاحبي وأنا البَرّ الرّؤوفُ وقد
-
-
- بذَلْتُ نُصْحِي بذاكَ الحيّ لا تَعُجِ
-
فيه خَلَعْتُ عِذَاري واطّرَحْتُ بِهِ
-
-
- قَبولَ نُسْكيَ والمقبولَ من حِججي
-
وابيَضّ وجهُ غَرامي في محَبّتِهِ
-
-
- واسْوَدّ وجْهُ ملامي فيه بالحُجَجِ
-
تبارَكَ اللهُ ما أحلى شمائلَهُ
-
-
- فكمْ أماتَتْ وأحْيَتْ فيه من مُهَجِ
-
يهوي لذِكْرِ اسمه مَنْ لَجّ في عَذَلِي
-
-
- سَمعي وإن كان عَذلي فيه لم يَلِجِ
-
وأرحَمُ البرْقَ في مَسراهُ مُنْتَسِباً
-
-
- لثَغْرِهِ وهوَ مُسْتَحيٍ من الفلَجِ
-
تراهُ إن غابَ عنّي كُلُّ جارحةٍ
-
-
- في كلّ مَعنى لطيفٍ رائقٍ بَهجِ
-
في نغْمَةِ العودِ والنّايِ الرّخيم إذا
-
-
- تَألّقا بينَ ألحانٍ من الهَزَجِ
-
وفي مَسَارحِ غِزْلاَنِ الخمائلِ في
-
-
- بَرْدِ الأصائلِ والإِصباحِ في البلَجِ
-
الأفكار الرئيسة في قصيدة عذب بما شئت
وردت في القصيدة أفكار عدة وذكرها فيما يأتي:
- الأبيات “الأول إلى العاشر”: حديث الشاعر عن الشوق والحب لله تعالى الذي يُخالجه وما يعانيه في سبيل ذلك الحب الإلهي العظيم.
- الأبيات “الحادي عشر إلى الرابع عشر”: تمني الشاعر حلول ألوان العذاب به ما عدا البُعد والفراق عن الله تبارك وتعالى وأن يقصيه الله من رحمته؛ إذ الموت في سبيله هو ذروة النعيم.
- الأبيات “الخامس عشر إلى التاسع عشر”: وصف الشاعر جمال المحبوب -وهو يقصد هنا الله تعالى- وبهائه، ووصف توسلاته في سبيل رضا الله عز وجل.
- الأبيات “العشرين إلى الحادي والعشرين”: حديث الشاعر عن العذّال واللائمين له في حب الله تبارك وتعالى وردّه عليهم.
- الأبيات “الثاني والعشرين إلى نهاية القصيدة”: مناجاة الشاعر للمحبوب -وهو الله تعالى- وحديثه معه.
شرح المفردات في قصيدة عذب بما شئت
وردت في القصيدة بعض من المفردات الغريبة، وشرحها فيما يأتي:
المفردة
|
المعنى
|
الأحداق
|
مفرد حدقة وهو السواد الذي يكون مستديرًا في وسط العين.2
|
الجوى
|
هو العشق الشديد الذي يُصيب الإنسان والذي يورثه ألمًا وحزنًا.3
|
المهج
|
هي النفس أو الروح.4
|
الصور الفنية في قصيدة عذب بما شئت
في القصيدة مجموعة من الصور الفنية وذكرها فيما يأتي:
- ودّعتُ قبل الهوى
جعل الهوى مثل الإنسان الذي يُودّع، حذف المشبه به وأبقى على شيء من لوازمه وهو استعارة مكنية.
- نارِ الهَوى
جعل للهوى نارًا، حذف المشبه به وأبقى على شيء من لوازمه وهو استعارة مكنية.
- عذّب بما شئتَ غيرَ البُعدِ
جعل البُعد شيئًا يُعذب فيه مثل السوط ونحوه، حذف المشبه به وأبقى على شيء من لوازمه وهو استعارة مكنية.
- مَن ماتَ فيه غَراماً
جعل لفظة الموت للغرام وهي تُستعمل عادة للإنسان على سبيل المجاز.
- أهدى لعيني الهدى
جعل الهدى مثل الشيء الذي يُهدى، حذف المشبه به وأبقى على شيء من لوازمه وهو استعارة مكنية.
- أعوامُ إقبالِهِ كاليَّومِ في قِصَرٍ
تشبيه تام الأركان، حيث أبقى على المشبه وهو أعوام الإقبال والمشبه به اليوم وأداة التشبيه الكاف ووجه الشبه وهو القصر.
المراجع
- “ما بين معترك الأحداق والمهج”، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 13/3/2022.
- “تعريف و معنى حَدَقة في معجم المعاني الجامع – معجم عربي عربي”، المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 13/3/2022. بتصرّف.
- “تعريف و معنى الجوى في معجم المعاني الجامع – معجم عربي عربي”، المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 13/3/2022. بتصرّف.
- “تعريف و معنى المُهجِ في معجم المعاني الجامع – معجم عربي عربي”، المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 13/3/2022. بتصرّف.