تفسير قوله تعالى: الأعراب أشدّ كفرًا – دراسة إسلامية حول الآية

فراس الأحمد
3 دقيقة للقراءة

تفسير آية: الأعراب أشد كفرًا

حين يوجِّه القرآن الأنبياء والدعاة لممارسة الدعوة فإنه يحرص على تعريفهم بأبرز طبائع مختلف أصناف المدعوين الذين سيقابلونهم، والأعراب صنف صعب من المدعوين؛ فالبيئة المنغلقة تؤثر سلباً في الأخلاق؛1لذلك فإن واجه الأعرابُ الدعاةَ بسوء خلقٍ فهذا متوقَّع منهم؛ “لأنهم أغلظ طباعاً، وأقسى قلوباً – كدأب أمثالهم من بدو سائر الأمم – بما يقضون جل أعمارهم في رعي الأنعام وحمايتها من ضواري الوحوش، ومن تعدي أمثالهم عليها وعلى نسائهم وذراريهم، فهم محرومون من وسائل العلوم الكسبية، والآداب الاجتماعية”.2

الأعراب المقصودون في الآية

يتبين مما سبق أن الأعراب المقصودون في قوله تعالى: (الأَعرابُ أَشَدُّ كُفرًا وَنِفاقًا وَأَجدَرُ أَلّا يَعلَموا حُدودَ ما أَنزَلَ اللَّـهُ عَلى رَسولِهِ وَاللَّـهُ عَليمٌ حَكيمٌ3 هم فئة من الناس لا كل سكان البادية من العرب، بدليل سبب نزولها؛ فقد نزلت في أعاريب من أسد وغطفان، وأعاريب من أعراب حاضري المدينة، وليست بعامة،4وعلى هذا فهي خاصة بفئة محددة، ليست عامة لكل الأعراب، ويؤيد أنها ليست عامة لكل الأعراب: الآيات التي تليها: (وَمِنَ الأَعرابِ مَن يَتَّخِذُ ما يُنفِقُ مَغرَمًا وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ الدَّوائِرَ عَلَيهِم دائِرَةُ السَّوءِ وَاللَّـهُ سَميعٌ عَليمٌ* وَمِنَ الأَعرابِ مَن يُؤمِنُ بِاللَّـهِ وَاليَومِ الآخِرِ وَيَتَّخِذُ ما يُنفِقُ قُرُباتٍ عِندَ اللَّـهِ وَصَلَواتِ الرَّسولِ أَلا إِنَّها قُربَةٌ لَهُم سَيُدخِلُهُمُ اللَّـهُ في رَحمَتِهِ إِنَّ اللَّـهَ غَفورٌ رَحيمٌ).5

الفرق بين العربي والأعرابي

فرّق ابن منظور بين العربي والأعرابي بأن “العربي: منسوب إلى العرب، وإن لم يكن بدوياً، والأعرابي: البدوي، وهم الأعراب”،6 وعلى هذا فالأعرابي هو كل “من نزل البادية أو جاور البادين”.78
وهذا ما دفع الرافعي للقول بأن “لفظ الأعرابي بعد الإسلام مما يراد به الجفاء وغلظ الطبع، وكانوا يسمون ذلك في الرجل أعرابية، فيقولون للجافي منهم: ألم تترك أعرابيتك بعد؟ وبذلك خرجت الكلمة عن مطلق معنى البادية إلى معنى خاص يلازمها”،9 وبهذا يتبين أن العرب المسلمين لم يذموا الأعراب بدافع عنصري، بل كانوا يذمون طباعاً وجِدت فيهم وشكلت حاجزاً يمنعهم من التحضر داخل دولة مدنية.9

المراجع

  1. مجموعة من المؤلفين، فتاوى دار الإفتاء المصرية، صفحة 19.
  2. محمد رشيد بن علي رضا ، تفسير المنار، صفحة 7.
  3. سورة التوبة، آية:97
  4. أبو القاسم الكرماني، لباب التفاسير، صفحة 133.
  5. سورة التوبة، آية:98-99
  6. محمد بن منظور، لسان العرب، صفحة 586.
  7. مرتضى الزبيدي، تاج العروس، صفحة 334.
  8. جواد علي، المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام، صفحة 292.
  9. ^ أ ب مصطفى صادق الرافعي، تاريخ آداب العرب، صفحة 36.
شارك في هذا المقال
صورة شخصية الكاتب فراس الأحمد - متخصص في تاريخ الفكر الإسلامي
بواسطة فراس الأحمد
أنا فراس الأحمد، كاتب وباحث شغوف بدراسة الإسلام وتاريخه العريق. حصلت على درجة الماجستير في الدراسات الإسلامية من جامعة الأزهر، حيث ركزت على تاريخ الفكر الإسلامي وتأثيره على الحضارات. لدي خبرة تمتد لأكثر من عشر سنوات في الكتابة والبحث، حيث نشرت العديد من المقالات والكتب التي تناقش القضايا المعاصرة من منظور إسلامي. شغفي يكمن في توضيح الجوانب التاريخية والفكرية للإسلام، وأسعى دائمًا لتقديم محتوى يجمع بين الأصالة والمعاصرة. أهدف من خلال كتاباتي إلى بناء جسور من التفاهم بين الثقافات المختلفة، وإبراز جمال وقيم الإسلام في حياتنا اليومية.
Leave a Comment