تأملات قصيرة: جمال الوطن وروعة الانتماء في الأدب

شيماء الصاعدي
3 دقيقة للقراءة

وطني أنت الأمان

وطني يا بلسم الروح، يا صاحب الحضن الدافئ، نعيش في ظلك في أمان وسلام، وعلى ألحانك يعزف نشيد الحرية، لك يا وطني تحية وألف سلام، على ترابك نموت عشقًا، حبك يا وطني في فؤادي وقلبي، فأنا أُفاخر بك العالم وأعتز بالانتماء إليك، فسلام على حدودك وهضابك ووديانك وسهولك وأرضك الطاهرة العظيمة.

وطني أُقدم لك الغالي والنفيس

لأجلك يا وطني أُقدم التضحيات، فحبك عندي ليس بالأقوال فقط، بل بالأفعال، فكل فرد من أفرادك عليهم العمل بجد واجتهاد لرفعتك والنهضة بك، واحترام رايتك العالية، ويكون ذلك بالتسلح بسلاح العلم والمعرفة، وتمثيل الوطن خير تمثيل في المحافل الدولية، فهكذا يكون الولاء للوطن وأرضه، فالوطن جزء من كيان الإنسان وأهميته.

تعلّمنا حب الوطن أيضًا من الأجداد والآباء الذين ضحوا بأرواحهم في سبيله أمنه وأمانه، وقدوتنا كذلك في حب الوطن والانتماء هو الرسول الكريم محمد -صلى الله عليه وسلم- عندما هاجر من مكة إلى المدينة، فقال في حبه لمكة موطنه: “واللَّهِ إنَّكِ لخيرُ أرضِ اللَّهِ وأحبُّ أرضِ اللَّهِ إليَّ ولولا أن أَهْلَكِ أخرَجوني منكِ ما خَرجتُ“.1

كما من صور حب الوطن والإخلاص له هو التحلي بالأخلاق الحسنة، والحفاظ على ممتلكاته العامة، بالإضافة إلى نظافة مرافقه، ورفض الإساءة إليه من أيّ طرف، فحب الوطن غريزة فطرية مجبول عليها كل إنسان.

إنّي أطلب المغفرة يا وطني

أطلب المغفرة يا وطني، فمهما جاد القلم وحضرت القريحة لن أجد حرفًا ينصفك، بسهلك الأخضر، وجبالك العالية الشماء، الراسخة كرسوخ تاريخك ومجدك التليد، وسمائك التي تقطر عسلًا وماءً، فكل جدار فيك يروي قصة تعب وكفاح.

وعد بالبقاء مهما عصفت بنا الأيام، وتحاملت علينا الأعوام، وحيكت حولك ألف حيلة، فإنّ أرضك راسخة لن تهتز أبدًا، كيف لها أن تهتز وفوقها صغار وكبار ونساء وشيوخ كلهم جنود يحملون في دمهم شرف التضحية من أجلك، كيف تهتز وقد رضعنا الدفاع عنك مرةً بعد مرة، وكبرنا سنةً بعد سنة، وعلى صدى أنفاسك الزكية أصبحنا رجالًا، قال ابن الرومي:2

ولي وطنٌ آليتُ ألا أبيعَهُ

وألا أرى غيري له الدهرَ مالكًا

كل الأماكن يا وطني لا تُشبهك، لا تُشبهك بأيّ شيء من تفاصيلك التي تمتاز بها، أنت وحدك الوطن، كل ركن فيك هو وطن بحد ذاته، عذرًا يا وطني، لن أكون الابن العاق لأم بذلت كل ما في وسعها لتُربي أبناءها أفضل تربية، فضحت بشبابها من أجلي، لآتي في آخر المطاف، وأُلقي كل ما فعلت هباء في الريح، وأرحل عنها، لأتركها طريحة الفراش وأُصبح بلا وطن.

وطني هويّتي وملاذي الأخير

في الختام، وطني بين ذات ترابك الزكية هُويتي، فأنا على أرضك وُلدت، ومن فيض مائك العذب شربت، وعلى تاريخ الأجداد والآباء المشرف كبرت، وعلى جدرانك رسمنا قلبًا وعلمًا، فشرفٌ لي يا بلدي أن أموت من أجل ترابك وأُدفن فيه، فلا معنى للحياة بدونك يا أجمل شيء في الدنيا.

المراجع

  1. رواه ابن عبدالبر ، في الاستذكار ، عن عبدالله بن عدي بن الحمراء، الصفحة أو الرقم:2/451.
  2. “أعوذ بحقويك العزيزين أن أرى”، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 25/10/2022.
شارك في هذا المقال
أنا شيماء الصاعدي، كاتبة شغوفة بمجال الآداب، حيث أجد في الكلمات وسيلة للتعبير عن أعمق المشاعر والأفكار. حصلت على درجة البكالوريوس في الأدب العربي من جامعة القاهرة، ومنذ ذلك الحين كرست حياتي لدراسة وكتابة النصوص الأدبية التي تحاكي الروح الإنسانية. لدي خبرة تمتد لأكثر من خمس سنوات في كتابة المقالات النقدية والقصص القصيرة التي تنشر في مجلات أدبية مرموقة. أسعى دائمًا لاستكشاف الأبعاد الثقافية والتاريخية في الأدب، وأؤمن بأن الكتابة هي جسر يربط بين الحضارات والأجيال. شغفي يكمن في صياغة النصوص التي تترك أثرًا في قلوب القراء وتدفعهم للتفكير والتأمل.
Leave a Comment