أية المنافق: أهم ثلاث سمات تميّزهم وتعرّف عليها

فراس الأحمد
5 دقيقة للقراءة

آية المنافق ثلاث

روى أبو هريرة -رضيَ الله عنه- عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: (آيَةُ المُنافِقِ ثَلاثٌ: إذا حَدَّثَ كَذَبَ، وإذا وعَدَ أخْلَفَ، وإذا اؤْتُمِنَ خانَ)،1 والآية هي العلامة الدالّة، وأصل المنافق هو الذي يُظهر الإسلام ويُخفي بداخله الكفر.2

الكذب في الحديث

نهى الإسلام عن الكذب وجعله مذموماً، وأخبر رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أنّ الكذب صفة من صفات المنافقين، فقال: (إنَّ الكَذِبَ يَهْدِي إلى الفُجُورِ، وإنَّ الفُجُورَ يَهْدِي إلى النَّارِ، وما يَزالُ الرَّجُلُ يَكْذِبُ ويَتَحَرَّى الكَذِبَ حتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللهِ كَذّابًا).34

وقد كان الكذب هكذا منذ الجاهليّة قبل الإسلام، فلمّا جاء الإسلام نهى عنه ودعا إلى الصدق ورتّب عليه الثواب والأجر من الله -تعالى-، ليكون ممّن قال فيهم -سبحانه وتعالى-: (يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّـهَ وَكونوا مَعَ الصّادِقينَ).56

إخلاف الوعد

ذمّ الإسلام إخلاف الوعد وجعله شعبةً من شعب النّفاق، وخصلةً من خصال المنافقين، وهي من الصفات التي يمتنع الناس عن الاقتراب ممّن يتّصف بها، وكما قال المثنى بن حارثة الشيباني: “لأن أموت عطشاً أحبّ إليّ من أن أخلف موعداً”،7 وقد أجمع المسلمون على أنّ الوفاء بالوعد من الصفات المحمودة، والإخلاف به من الصفات المذمومة.8

وذكر -سبحانه- نبيّه إسماعيل -عليه السّلام- ومدحه حين اتّصف بصفة الوفاء بالوعد، فقال -تعالى-: (إِنَّهُ كانَ صادِقَ الوَعدِ وَكانَ رَسولًا نَبِيّاً)،9 وفي سياق ذمّ إخلاف الوعد، قال -تعالى-: (فَأَعقَبَهُم نِفاقاً في قُلوبِهِم إِلى يَومِ يَلقَونَهُ بِما أَخلَفُوا اللَّـهَ ما وَعَدوهُ وَبِما كانوا يَكذِبونَ).108

خيانة الأمانة

ذكر القرآن الكريم صفات المؤمنين وأخلاقهم من باب الثناء عليهم، ولتكون قدوة للعباد يتّصفون بها ويتخلّقون بها، ومن هذه الصفات رعاية الأمانة والحفاظ على أدائها، فقال -تعالى-: (وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ)،11 وقد عدّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- خيانة الأمانة من الصفات التي يتّصف بها المنافق؛ لأنّه لم يحفظ الأمانة بينه وبين الله ورسوله، وبينه وبين العباد.12

كما عظّم الله من شأن الأمانة التي اختصّ بها الإنسان، وجعل بها مناط التكليف من خلال الالتزام بما أمر الله به، واجتناب ما نهى عنه، واستشعار مراقبة الله لعباده في السر والعلن، وقد رفضت المخلوقات العظيمة من السماوات، والأرض، والجبال أن يحملن هذه الأمانة خوفاً من عدم القدرة على أدائها بحقّها، لكنّ الإنسان قبل بها على الرغم من ظلمه وجهله.13

وجعل الله له عليها ثواباً عظيماً وأجراً كبيراً، قال -تعالى-: (إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً* لِّيُعَذِّبَ اللَّـهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ وَيَتُوبَ اللَّـهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَكَانَ اللَّـهُ غَفُوراً رَّحِيماً).1413

تدل الآية على أن بعض البشر أظهروا أنّهم قاموا بهذه الأمانة في علانيتهم وتركوها في سرّهم وهم المنافقون، ومنهم مشركون تركوها في سرهم وعلانيتهم، ومنهم المؤمنون الذين قاموا بها في كلّ أحوالهم.13

المراجع

  1. رواه البخاري ، في صحيح البخاري ، عن أبي هريرة ، الصفحة أو الرقم:6095، صحيح.
  2. عبد القادر الحمد (1982)، فقه الإسلام/ شرح بلوغ المرام من جمع أدلة الأحكام (الطبعة 1)، المدينة المنورة:مطابع الرشيد، صفحة 234، جزء 10. بتصرّف.
  3. رواه مسلم ، في صحيح مسلم ، عن عبد الله بن مسعود ، الصفحة أو الرقم:2607، صحيح .
  4. محمد بن العثيمين (1435)، تفسير القرآن الكريم/ سورة المائدة (الطبعة 2)، المملكة العربية السعودية :دار ابن الجوزي، صفحة 490، جزء 1. بتصرّف.
  5. سورة التوبة ، آية:119
  6. صالح عبد الواحد (1428)، سُبُل السَّلام مِن صَحيح سيرة خَير الأنَامِ عَليه الصَّلاة وَالسَّلام (الطبعة 2)، الأردن :مكتبة الغرباء الأثرية ، صفحة 481. بتصرّف.
  7. محمد الحمد ، سوء الخلق (الطبعة 2)، الرياض :درا بن خزيمة، صفحة 41. بتصرّف.
  8. ^ أ ب محمد المقدم ، دروس الشيخ محمد إسماعيل المقدمط، صفحة 13، جزء 87. بتصرّف.
  9. سورة مريم ، آية:54
  10. سورة التوبة ، آية:77
  11. سورة المؤمنون ، آية:8
  12. شحاتة صقر ، دليل الواعظ إلى أدلة المواعظ، البحيرة :دار الفرقان ، صفحة 291، جزء 1. بتصرّف.
  13. ^ أ ب ت صقر شحاتة ، دليل الواعظ إلى أدلة المواعظ، البحيرة :دار الفرقان ، صفحة 292، جزء 1. بتصرّف.
  14. سورة الأحزاب ، آية:72-73
شارك في هذا المقال
صورة شخصية الكاتب فراس الأحمد - متخصص في تاريخ الفكر الإسلامي
بواسطة فراس الأحمد
أنا فراس الأحمد، كاتب وباحث شغوف بدراسة الإسلام وتاريخه العريق. حصلت على درجة الماجستير في الدراسات الإسلامية من جامعة الأزهر، حيث ركزت على تاريخ الفكر الإسلامي وتأثيره على الحضارات. لدي خبرة تمتد لأكثر من عشر سنوات في الكتابة والبحث، حيث نشرت العديد من المقالات والكتب التي تناقش القضايا المعاصرة من منظور إسلامي. شغفي يكمن في توضيح الجوانب التاريخية والفكرية للإسلام، وأسعى دائمًا لتقديم محتوى يجمع بين الأصالة والمعاصرة. أهدف من خلال كتاباتي إلى بناء جسور من التفاهم بين الثقافات المختلفة، وإبراز جمال وقيم الإسلام في حياتنا اليومية.
Leave a Comment