من هو الشخص الأول الذي دُفن في البقيع؟

فراس الأحمد
4 دقيقة للقراءة

أول من دفن في البقيع

سميت مقبرة البقيع بهذا الاسم نسبةً إلى أنها المكان الذي ينبت فيه شجر الغرقد، فسميت ببقيع الغرقد، وتقع هذه المقبرة خارج باب الجمعة لحصن المدينة، وفي طرقها الغربي حدائق النخيل، وفي جهتها الشرقية حصن المدينة الميمونة، وسيول وديان المدينة تمر من جانبي تلك المقبرة، وهي من المقابر المباركة،1وأما أول من دفن في هذه المقبرة من المسلمين فسنذكره من خلال العناوين التالي ذكرها:

عثمان بن مظعون أول من دفن في البقيع

إن أول من دفن في مقبرة البقيع من الصحابة هو الصحابيّ الجليل عثمان بن مظعون -رضي الله عنه وأرضاه-، وهو أول من توفي من المهاجرين،2 وقد توفي -رضي الله عنه- في شهر ذي الحجة، من السنة الثانية للهجرة النبوية، وهو من أولياء الله المتقين، والذين فازوا بأن كانت وفاتهم في حياة النبي -صلى الله عليه وسلم-، وقد صلى عليه صلاة الجنازة.3

وقيل إنّ رسول الله -عليه الصلاة والسلام- قبَّل الصحابي عثمان بن مظعون عند وفاته حتى رُأيت الدموع تسيل على وجهه، وقد روي أيضًا أن أم العلاء -رضي الله عنها- رأت له عين ماء تجري في المنام، فسألت النبي -عليه الصلاة والسلام- عنها، فقال لها بأنّ هذه العين هي أعماله الصالحة تجري له، فقد كان -رضي الله عنه- من الأغنياء، وقد تكون صدقة جارية له.3

تعريف بعثمان بن مظعون

الصحابي الجليل عثمان بن مظعون -رضي الله عنه- هو أبو السائب عثمان بن مظعون بن حبيب بن وهب بن حذيفة الجمحي، وهو من أوائل من أسلموا مع النبي الكريم -عليه الصلاة والسلام-، بعد ثلاثة عشر رجلًا، وقد هاجر إلى الحبشة هو وابنه السائب، ثم عاد إلى مكة بعد أن سمع بأن قريش أسلمت، ولما عرف الحقيقة تثاقل عن العودة للحبشة فدخل في جوار الوليد بن المغيرة.4

وقد هاجر -رضي الله عنه- إلى المدينة المنورة مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وشهد معه غزوة بدر، كما أنه كان من المجتهدين في العبادة، فكان يصوم النهار ويقوم الليل، وكان أيضًا يعتزل النساء تمامًا، فنهاه النبي -عليه الصلاة والسلام- عن ذلك وأمره بالاعتدال، وقيل من شدة ورعه أنه كان ممن حرم على نفسه الخمر في الجاهلية.4

وقد توفي بعد غزوة أحد، فكان هو أول رجل يموت في المدينة من المهاجرين، وعندما دفن وضع الرسول -عليه الصلاة والسلام- عند رأسه حجرًا وقال: هذا قبر فرطنا، وقد كان يوصف بأنه شديد الأُدمة، ليس بالطويل ولا بالقصير، وهو كبير اللحية عريضها، وكان من أشد الصحابة زهدًا في الدنيا 4

وكان من فضله أن قال النبي -عليه الصلاة والسلام- لابنته زينب -وفي رواية رقية- عند وفاتها: الحقي بسلفنا الصالح الخير عثمان بن مظعون، وشهادة النبي الكريم له بالخير من أعظم ما يدل على فضله ومكانته العالية.5

المراجع

  1. أيوب صبري باشا (2004)، موسوعة مرآة الحرمين الشريفين وجزيرة العرب (الطبعة 1)، القاهرة:دار الآفاق العربية، صفحة 717، جزء 4. بتصرّف.
  2. أحمد بن إبراهيم بن محمد بن خليل، كنوز الذهب فى تاريخ حلب (الطبعة 1)، حلب:دار القلم، صفحة 62، جزء 2. بتصرّف.
  3. ^ أ ب موسى بن راشد العازمي (2011)، اللؤلؤ المكنون في سيرة النبي المأمون (الطبعة 1)، الكويت:المكتبة العامرية للإعلان والطباعة والنشر والتوزيع، صفحة 535 – 539، جزء 2. بتصرّف.
  4. ^ أ ب ت مجموعة من المؤلفين، موسوعة سفير للتاريخ الإسلامي، صفحة 648، جزء 10. بتصرّف.
  5. أحمد بن عبد الرحمن بن محمد البنا الساعاتي، الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (الطبعة 2)، صفحة 318، جزء 22. بتصرّف.
شارك في هذا المقال
صورة شخصية الكاتب فراس الأحمد - متخصص في تاريخ الفكر الإسلامي
بواسطة فراس الأحمد
أنا فراس الأحمد، كاتب وباحث شغوف بدراسة الإسلام وتاريخه العريق. حصلت على درجة الماجستير في الدراسات الإسلامية من جامعة الأزهر، حيث ركزت على تاريخ الفكر الإسلامي وتأثيره على الحضارات. لدي خبرة تمتد لأكثر من عشر سنوات في الكتابة والبحث، حيث نشرت العديد من المقالات والكتب التي تناقش القضايا المعاصرة من منظور إسلامي. شغفي يكمن في توضيح الجوانب التاريخية والفكرية للإسلام، وأسعى دائمًا لتقديم محتوى يجمع بين الأصالة والمعاصرة. أهدف من خلال كتاباتي إلى بناء جسور من التفاهم بين الثقافات المختلفة، وإبراز جمال وقيم الإسلام في حياتنا اليومية.
Leave a Comment