أبيات شعر المتنبي العتابية: مقتطفات من الديوان الشريف

شيماء الصاعدي
4 دقيقة للقراءة

أبيات شعر للمتنبي عن العتاب

ورد على لسان المتنبي العديد من أبيات العتاب في قصائده، ومن هذه القصائد ما يأتي:

واحر قلباه ممن قلبه شبم

يقول في قصيدة واحر قلباه:

واحرَّ قَلباهُ مِمَّن قَلبُهُ شَبِمُ

وَمَن بِجِسمي وَحالي عِندَهُ سَقَمُ

مالي أكَتِّمُ حُبّاً قَد بَرى جَسَدي

وتَدَّعي حبَّ سيفِ الدَولَةِ الأمَمُ

إن كانَ يَجمَعُنا حبٌّ لِغُرَّتِهِ

فليتَ أنَّا بِقَدْرِ الحبِّ نَقتسِمُ

قَد زُرتُهُ وسيوفُ الهندِ مُغمَدَةٌ

وقد نظرتُ إليه والسُيوفُ دَمُ

فَكانَ أحْسنَ خَلق الله كلِّهِمُ

وكانَ أحسنَ مافي الأحسَنِ الشِّيَمُ

فوتُ العدوِّ الذي يَمَّمْتُه ظَفَرٌ

في طيّه أسَفٌ في طيّه نِعَمُ

قد نابَ عنكَ شديدُ الخوفِ واصْطنَعَتْ

لكَ المهابةُ ما لا تَصنعُ البُهَمُ

ألزَمتَ نفسَكَ شيئاً ليس يَلْزَمُها

أن لا يوارِيَهمْ أَرضٌ ولا عَلَمُ

أكُلَّما رُمتَ جيشاً فانْثَنى هَرَباً

تَصرَّفَت بكَ في آثارِه الهِمَمُ

عليكَ هَزمُهُمُ في كلِّ مُعتركٍ

وما عليكَ بِهِمْ عارٌ إذا انهزَموا

أما تَرى ظَفراً حُلْواً سِوى ظَفَر

تَصافحَتْ فيه بيضُ الهِندِ واللمَمُ

يا أعدلَ الناسِ إلا في معامَلتي

فيكَ الخِصامُ وَأنتَ الخَصْمُ والحَكَمُ

أعيذُها نظراتٍ منكَ صادقةً

أن تَحْسبَ الشَّحمَ فيمَن شَحْمُهُ وَرَمُ

وما انتفاعُ أخي الدُّنيا بناظرِهِ

إذا استَوَت عندَهُ الأنوارُ والظُّلَمُ1

عدت يا عيد

يقول في قصيدة العيد:

عيدٌ بِأَيَّةِ حالٍ عُدتَ يا عيدُ

بِما مَضى أَم بِأَمرٍ فيكَ تَجديدُ

أَمّا الأَحِبَّةُ فَالبَيداءُ دونَهُمُ

فَلَيتَ دونَكَ بيداً دونَها بيدُ

لَولا العُلى لَم تَجُب بي ما أَجوبُ بِها

وَجناءُ حَرفٌ وَلا جَرداءُ قَيدودُ

وَكانَ أَطيَبَ مِن سَيفي مُضاجَعَةً

أَشباهُ رَونَقِهِ الغيدُ الأَماليدُ

لَم يَترُكِ الدَهرُ مِن قَلبي وَلا كَبِدي

شَيءً تُتَيِّمُهُ عَينٌ وَلا جيدُ

يا ساقِيَيَّ أَخَمرٌ في كُؤوسِكُما

أَم في كُؤوسِكُما هَمٌّ وَتَسهيدُ

أَصَخرَةٌ أَنا مالي لا تُحَرِّكُني

هَذي المُدامُ وَلا هَذي الأَغاريدُ

إِذا أَرَدتُ كُمَيتَ اللَونِ صافِيَةً

وَجَدتُها وَحَبيبُ النَفسِ مَفقودُ

ماذا لَقيتُ مِنَ الدُنيا وَأَعجَبُهُ

أَنّي بِما أَنا باكٍ مِنهُ مَحسودُ

أَمسَيتُ أَروَحَ مُثرٍ خازِناً وَيَداً

أَنا الغَنِيُّ وَأَموالي المَواعيدُ

إِنّي نَزَلتُ بِكَذّابينَ ضَيفُهُمُ

عَنِ القِرى وَعَنِ التَرحالِ مَحدودُ

جودُ الرِجالِ مِنَ الأَيدي وَجودُهُمُ

مِنَ اللِسانِ فَلا كانوا وَلا الجودُ

ما يَقبِضُ المَوتُ نَفساً مِن نُفوسِهِمُ

إِلّا وَفي يَدِهِ مِن نَتنِها عودُ

مِن كُلِّ رِخوِ وِكاءِ البَطنِ مُنفَتِقٍ

لا في الرِحالِ وَلا النِسوانِ مَعدودُ

أَكُلَّما اِغتالَ عَبدُ السوءِ سَيِّدَهُ

أَو خانَهُ فَلَهُ في مِصرَ تَمهيدُ

صارَ الخَصِيُّ إِمامَ الآبِقينَ بِها

فَالحُرُّ مُستَعبَدٌ وَالعَبدُ مَعبودُ

كفى بك داء

يقول في قصيدة كفى بك داء:

كَفى بِكَ داءً أَن تَرى المَوتَ شافِيا

وَحَسبُ المَنايا أَن يَكُنَّ أَمانِيا

تَمَنَّيتَها لَمّا تَمَنَّيتَ أَن تَرى

صَديقاً فَأَعيا أَو عَدُوّاً مُداجِيا

إِذا كُنتَ تَرضى أَن تَعيشَ بِذِلَّةٍ

فَلا تَستَعِدَّنَّ الحُسامَ اليَمانِيا

وَلا تَستَطيلَنَّ الرِماحَ لِغارَةٍ

وَلا تَستَجيدَنَّ العِتاقَ المَذاكِيا

فَما يَنفَعُ الأُسدَ الحَياءُ مِنَ الطَوى

وَلا تُتَّقى حَتّى تَكونَ ضَوارِيا

حَبَبتُكَ قَلبي قَبلَ حُبِّكَ مَن نَأى

وَقَد كانَ غَدّاراً فَكُن أَنتَ وافِيا

وَأَعلَمُ أَنَّ البَينَ يُشكيكَ بَعدَهُ

فَلَستَ فُؤادي إِن رَأَيتُكَ شاكِيا

فَإِنَّ دُموعَ العَينِ غُدرٌ بِرَبِّها

إِذا كُنَّ إِثرَ الغادِرينَ جَوارِيا

إِذا الجودُ لَم يُرزَق خَلاصاً مِنَ الأَذى

فَلا الحَمدُ مَكسوباً وَلا المالُ باقِيا

وَلِلنَفسِ أَخلاقٌ تَدُلُّ عَلى الفَتى

أَكانَ سَخاءً ما أَتى أَم تَساخِيا

أَقِلَّ اِشتِياقاً أَيُّها القَلبُ رُبَّما

رَأَيتُكَ تُصفي الوُدَّ مَن لَيسَ جازِيا

خُلِقتُ أَلوفاً لَو رَحَلتُ إِلى الصِبا

لَفارَقتُ شَيبي موجَعَ القَلبِ باكِيا

وَلَكِنَّ بِالفُسطاطِ بَحراً أَزَرتُهُ

حَياتي وَنُصحي وَالهَوى وَالقَوافِيا

وَجُرداً مَدَدنا بَينَ آذانِها القَنا

فَبِتنَ خِفافاً يَتَّبِعنَ العَوالِيا2

المراجع

  1. “واحر قلباه ممن قلبه شبم”، الديوان ، اطّلع عليه بتاريخ 22/1/2022. بتصرّف.
  2. “القصيدة : كفى بك داء ان ترى الموت شافيا”، واحة المتنبي ، اطّلع عليه بتاريخ 22/1/2022. بتصرّف.
شارك في هذا المقال
أنا شيماء الصاعدي، كاتبة شغوفة بمجال الآداب، حيث أجد في الكلمات وسيلة للتعبير عن أعمق المشاعر والأفكار. حصلت على درجة البكالوريوس في الأدب العربي من جامعة القاهرة، ومنذ ذلك الحين كرست حياتي لدراسة وكتابة النصوص الأدبية التي تحاكي الروح الإنسانية. لدي خبرة تمتد لأكثر من خمس سنوات في كتابة المقالات النقدية والقصص القصيرة التي تنشر في مجلات أدبية مرموقة. أسعى دائمًا لاستكشاف الأبعاد الثقافية والتاريخية في الأدب، وأؤمن بأن الكتابة هي جسر يربط بين الحضارات والأجيال. شغفي يكمن في صياغة النصوص التي تترك أثرًا في قلوب القراء وتدفعهم للتفكير والتأمل.
Leave a Comment