تحف الشعر في الأدب: أفضل قصائد الهجاء للمتنبي

شيماء الصاعدي
4 دقيقة للقراءة

هجاء المتنبي لكافور

قالَ أبو الطيِّب المتنبي في هجاء كافور: 1

أمَا في هَذهِ الدُّنيا كَرِيمُ

تَزُولُ بِهِ عنِ القَلبِ الهُمومُ

أمَا في هَذهِ الدُّنيا مَكَانٌ

يُسَرُّ بأهْلِهِ الجارُ المُقيمُ

تَشابَهتِ البَهائِمُ والعِبِدّى

عَلينَا والمَوَالي وَالصَّميمُ

ومَا أدري إذَا داءٌ حَديثٌ

أصَابَ النَّاسَ أمْ داءٌ قَديمُ

حَصَلتُ بأرْضِ مِصرَ على عَبيدٍ

كَأنَّ الحُرَّ بَينَهُمُ يَتيمُ

كَأنَّ الأسْوَدَ اللابيّ فيهِمْ

غُرَابٌ حَولَهُ رَخَمٌ وبُومُ

أخَذتُ بمَدْحِهِ فَرَأيْتُ لَهْواً

مَقَالي لِلأُحَيْمِقِ يا حَليمُ

ولمَّا أنْ هَجَوْتُ رَأيْتُ عِيَّاً

مَقَاليَ لابنِ آوَى يا لَئِيمُ

فَهَلْ مِنْ عاذِرٍ في ذا وَفي ذا

فَمَدْفُوعٌ إلى السَّقَمِ السَّقيمُ

إذا أتَتِ الإسَاءَةُ مِنْ لئيمٍ

وَلم ألُمِ المُسِيءَ فَمَنْ ألُومُ

كما قال يهجوهُ في هذهِ الأبيات:

وَماذا بمِصْرَ مِنَ المُضْحِكاتِ

ولَكِنَّهُ ضَحِكٌ كالبُكَا

بهَا نَبَطيٌّ مِن أهْلِ السَّوَادِ

يُدَرِّسُ أنْسَابَ أهْلِ الفَلا

وَأسْوَدُ مِشْفَرُهُ نِصْفُهُ

يُقَالُ لَهُ أنْتَ بَدْرُ الدّجَى

وَشِعْرٍ مَدَحتُ بهِ الكَرْكَدَنَّ

بَينَ القَرِيضِ وبَينَ الرُّقَى

فَمَا كانَ ذَلِكَ مَدْحاً لَهُ

وَلَكِنّهُ كانَ هَجْوَ الوَرَى

وَقَدْ ضَلّ قَوْمٌ بأصْنَامِهِمْ

فأمَّا بِزِقّ رِيَاحٍ فَلا

وتِلكَ صُموتٌ وذا ناطِقٌ

إِذا حَرَّكوهُ فَسا أَو هَذى

وَمَنْ جَهِلَتْ نَفْسُهُ قَدْرَهُ

رَأى غَيرُهُ مِنْهُ مَا لا يَرَى

هجاء المتنبي للأعور بن كروس

قال أبو الطيِّب المتنبي في هجاءِ الأعور بن كروس:2

فاغْفِرْ فِدىً لكَ واحبُني مِنْ بَعدها

لِتَخُصَّني بِعطِيِّةٍ مِنْها أنَا

وإنه المُشيرَ عَليكَ فيَّ بضِلَّةٍ

فالحُرُّ مُمْتَحَنٌ بأولادِ الزِّنَى

وإذا الفَتى طَرحَ الكَلامَ مُعَرِّضاً

في مجْلِسٍ أخذَ الكَلامَ اللَّذْ عَنى

ومَكايِدُ السُّفَهاءِ واقِعَةٌ بهِمْ

وعداوَةُ الشُّعَراءِ بِئسَ المُقْتَنى

لُعِنَتْ مُقارنةُ اللَّئيمِ فإنَّهَا

ضَيْفٌ يَجرُّ مِنَ النَّدامةِ ضَيفَنا

غَضَبُ الحَسُودِ إذا لَقيتُكَ راضِياً

رزءٌ أخَفُّ عليَّ مِن أنْ يُوزَنَا

هجاء المتنبي لأبي فرج السامري

قال المتنبي في هجاءِ أبي فرج السَّامري:

أسَامَرِّيُّ ضُحْكَةَ كُلّ رَاءِ

فَطِنْتَ وَكنْتَ أغْبَى الأغْبِيَاءِ

صَغُرْتَ عنِ المَديحِ فقلتَ أُهجَى

كأنَّكَ ما صَغُرْتَ عنِ الهِجاءِ

وَما فَكّرْتُ قَبلَكَ في مُحالٍ

وَلا جَرّبْتُ سَيْفي في هَبَاءِ

هجاء المتنبي لوردان بن ربيعة الطائي

قالَ المتنبي في هجاءِ وردان بن ربيعة الطائي:

لَئِنْ تَكُ طَيِّءٌ كانتْ لِئَاماً

فألأمُهَا رَبِيعَةُ أوْ بَنُوهُ

وإنْ تَكُ طَيِّءٌ كانَتْ كِراماً

فَوَرْدانٌ لِغَيرِهِمِ أبُوهُ

مَرَرْنَا مِنْهُ في حِسْمَى بعَبْدٍ

يَمُجُّ اللُّؤمَ مَنْخِرُهُ وَفُوهُ

أشَذَّ بعِرْسِهِ عَنّي عَبيدي

فأتْلَفَهُمْ وَمَالي أتْلَفُوهُ

فإنْ شَقِيَتْ بأيديهِمْ جِيادي

لَقد شَقِيَتْ بمُنصُليَ الوُجُوهُ

هجاء المتنبي لأبي دلف بن كنداج

قال أبو الطيِّبِ في هجاءِ أبي دلف بن كنداج::

أهْوِنْ بطولِ الثَّواءِ والتَّلفِ

والسِّجنِ والقَيدِ يا أبا دُلَفِ

غَيرَ اختيارٍ قَبِلْتُ بِرَّكَ لي

والجُوعُ يُرْضي الأُسودَ بالجِيفِ

كُنْ أيُّها السِّجنُ كَيفَ شِئتَ فقدْ

وَطّنْتُ للمَوتِ نَفسَ مُعترِفِ

لوْ كانَ سُكنايَ فيكَ منقصَةً

لم يكنِ الدرُّ ساكِنَ الصَّدَفِ

هجاء المتنبي لسوار الدليمي

هجاء المتنبي في هجاءِ سوار الدليمي:

بقِيَّةُ قَومٍ آذَنُوا بِبَو

وأنْضاءُ أسفارٍ كَشَربِ عُقارِ

نَزلْنا على حكمِ الرِّياحِ بمَسجِدٍ

علينا لها ثَوبَا حَصىً وغُبارِ

خَليليَّ ما هذا مُناخاً لِمِثْلِنا

فَشُدَّا عَليها وارْحَلا بنَهَارِ

ولا تُنكِرَا عَصفَ الرِّياحِ فإنَّها

قِرَى كلّ ضَيْفٍ باتَ عِند سِوَار

المراجع

  1. “أما في هذه الدنيا كريم”، الديوان.
  2. “شرح ديوان المتنبي”، المكتبة الشاملة.
شارك في هذا المقال
أنا شيماء الصاعدي، كاتبة شغوفة بمجال الآداب، حيث أجد في الكلمات وسيلة للتعبير عن أعمق المشاعر والأفكار. حصلت على درجة البكالوريوس في الأدب العربي من جامعة القاهرة، ومنذ ذلك الحين كرست حياتي لدراسة وكتابة النصوص الأدبية التي تحاكي الروح الإنسانية. لدي خبرة تمتد لأكثر من خمس سنوات في كتابة المقالات النقدية والقصص القصيرة التي تنشر في مجلات أدبية مرموقة. أسعى دائمًا لاستكشاف الأبعاد الثقافية والتاريخية في الأدب، وأؤمن بأن الكتابة هي جسر يربط بين الحضارات والأجيال. شغفي يكمن في صياغة النصوص التي تترك أثرًا في قلوب القراء وتدفعهم للتفكير والتأمل.
Leave a Comment