تقنيات زيادة سرعة الاستجابة العقلية: دليلك الشامل

مازن الفهمي
4 دقيقة للقراءة

كانت الفصاحة قديماً ولا زالت من أهم الأركان الأساسية لأي ثقافة عربية ، فقد كان الرجل قديماً يثنى عليه لفصاحة لسانه ، حيث أن هذا الأمر دلالة على قدرة الرجل الفائقة على التركيز والتفكير العميق ، كما أنها دلالة على أن هذا الرجل لا يقف عاجزاً أمام أصعب المشاكل التي تواجهه ، وأنه يستطيع السيطرة على جميع الأمور التي يواجهها بفضل حكمته وبراعة لسانه ، الأمر الذي يكون بمثابة ضربة قاضية للشخص الذي يتحداك في موقف ما ، كما أنها تنهي نقاشاً أنت لا تريد أن تكمل فيه ، حيث أن فن الرد يعني إسكات الخص الذي أمامك ، أو إقناعه بالحجة والدليل ، بحيث لا يستطيع أن يقول شيئاً فيما بعد .

كان الناس قديماً يستخدمون هذه الموهبة في المشاركة في علم المناظرات ، وهي عبارة عن تحدي بين اثنين بحيث أن أحدهم لا يستطيع مجاراة الآخر في الكلام ، فيصمت ، كما أن الشرط الأساسي هو أن يستخدم الطرفين ردود قوية ومقنعة، ويجلس الجمهور مستمعاً بمثل هذه المناظرة ، كما أنها كانت تقام على أعلى المستويات ، وكانت تقام في جميع المجالات ، سواء الأدبية أو العلمية ، إضافة إلى ذلك كان يشارك فيها نخبة من أفضل الرجال الذي يمتلكون مثل هذه الميزة والموهبة .

وحملت كتب التاريخ لنا أفضل الأمثلة على مثل هذه المواقف ، ومنها أن نابليون بونابرت سئل يوماً ، عن أن الطباخ أفضل بكثير من الأديب والشاعر ، حيث أن الطباخ يطهو الطعام الذي نستمتع في تناوله أكثر من الاستمتاع الذي نجده في كلام الشعر والأدب ، فكان رد نابليون أن الكلاب تعتقد ذلك أيضاً ، فما كان من الرجل إلا أن صمت ولم يتكلم بكلمة بعد ذلك .

من أجل هذا كانت سرعة البديهة في الرد فناً ولا زالت أيضاً فناً يرغب الجميع في احترافه ، حيث أنها تغني الانسان عن الكثير من الأمور التي لا يريدها ، كما أنها تغني عن الكثير من الحوارات التي لا نفع منها ، كما أن الشرط الأساسي في مثل هذه الصفة أن يتم تزويدها بالقليل من الصدق والأمانة ، وأن تكون أخلاق الانسان المتحدث عالية ، فلا يجرح شخصاً في كلماته من أجل إسكاته ، كما ألا يتعدى على أحد في طريقة كلامه ، من أجل عدم خلق المشاحنات .

وقد تم تقسيم سرعة البديهة في الرد إلى نوعان ، منها ما هو على شكل دفاع عن النفس ، حيث أن الدفاع عن النفس بواسطة الكلام يكون أفضل بكثير من الدفاع عن النفس من خلال الضرب والمشاجرات ، أما النوع الآخر فهو على شكل إبداء ملاحظة فكاهية على موقف طريف حدث بصورة عفوية أمامه ، كما أننا نرى هذا الأمر كثيراً على التلفاز وفي البرامج الإخبارية ، فيتم استضافة اثنين ذوي آراء مختلفة ، ويتم التحدث ، ويقوم كل شخص بالرد على الآخر بطريقة لبقة ولكن مع المحافظة على تغيير الفكرة التي يفكر بها الشخص الآخر ، وإيصاله إلى الفكرة الصحيحة .

شارك في هذا المقال
صورة شخصية الكاتب مازن الفهمي - متخصص في تصميم المناهج الدراسية
بواسطة مازن الفهمي
أنا مازن الفهمي، شغوف بمجال التعليم وتطوير المناهج الدراسية. حصلت على درجة الماجستير في التربية من جامعة الملك سعود، وأمتلك خبرة تمتد لأكثر من 10 سنوات في التدريس وتصميم البرامج التعليمية. عملت كمستشار تربوي في عدة مؤسسات تعليمية، حيث ساهمت في تحسين جودة التعليم من خلال استراتيجيات مبتكرة. شغفي يكمن في إيجاد طرق جديدة لجعل التعليم تجربة ممتعة ومؤثرة للطلاب، وأسعى دائمًا لدمج التكنولوجيا في العملية التعليمية لتعزيز التفاعل والإبداع. أؤمن بأن التعليم هو أساس بناء المجتمعات، وأعمل جاهدًا لتقديم محتوى يلهم المتعلمين ويدفعهم لتحقيق طموحاتهم.
Leave a Comment