استمتع بالإبداع والتعبير: رحلتي الصيفية ورحلة الكتابة

شيماء الصاعدي
3 دقيقة للقراءة

الصيف

الصيف، أحد أجمل فصول السنة وأروعها، وهو فصل الدفء والعطاء وتجدّد الحياة في عروق الأرض، وهو الفصل الذي تتجلى فيه الشمس بإرسال أشعتها الذهبية بكامل طاقتها، ففيه تُشرق ألوان الحياة، ويُصبح الورد أكبر وأجمل، وتكبر فيه أوراق الأشجار وتشتدّ فيه الجذور لتكتمل دورة الحياة التي بدأت في الربيع، فالصيف اكتمالُ الجمال والنُضج، وهو المكمّل لكلّ البدايات الرائعة، التي بدأتها الأشجار والأزهار.

في الصيف تُصبح السماء أكثر دهشةً، كما تُصبح النجوم أكثر قرباً واكتظاظاً، وتصطفّ كأطواقٍ من اللآلئ الناصعة المغرية لتزين عنق السماء، ويتربع القمر وسط كلّ هذه الدهشة، لا تحجبه غيمةٌ، ولا يُخفيه ضبابٌ أو دخانٌ، ففي الصيف تُصبح الصور أكثر وضوحاً عن باقي فصول السنة، فيا لها من ميزةٍ منحها الله سبحانه وتعالى لروعة الصيف الجميل الساحر.

يعتبر الناس فصل الصيف، بأنّه فصل التقاء الأحبة والخلّان، وفصل الأفراح والمناسبات، وهو الوقت الذي يعود فيه جميع المغتربين إلى أرض الوطن، فتُذرف فيه دموع الفرح، وتنطلق أهازيج الأمهات فرحاً وابتهاجاً، وتُضاء فيه قناديل البيوت في السهرات الطويلة، فلا أجمل من سهرات فصل الصيف الممزوجة بضحكات الصغار، وحماسة الشباب، وقصص الآباء والأجداد، واجتماع الأصدقاء والأهل والجيران.

يسمّي الشعراء والأدباء فصل الصيف بفصل الحب، ففيه تتفتح قصائد الشعر، وتُصبح الكلمات أكثر بذاخةً وسمواً، وتتفتح قريحة الأدب والأدباء، وتبدأ الروايات بالارتسام في مخيلة كاتبيها، فهو فصلٌ ملهمٌ بأروع القصص والأفكار، وولادةٌ سهلةٌ للكثير من الأشياء الجميلة، ولطالما تغزّل الشعراء بقمر الصيف، وسنابل القمح الذهبية التي لا تظهر إلّا فيه، ولطالما تغنّى الشعراء بعودة الطيور المهاجرة إلى أعشاشها فيه، فهو فصل العائدين، وملاذ القلوب المرتجفة لتنعم بدفء الحياة الماديّ والمعنوي معاً.

تتجلى روعة الصيف بأنه يتيح للجميع التحاف السماء والنوم على الأرض، وإرسال النظر إلى السماء الصافية دون الخوف من غيمةٍ عابرةٍ، أو عاصفةٍ هوجاء، أو مطرٍ ينهمر دون استئذان، ففيه تشعر بالأمان المطلق، وتسكن نفسك، ولا تفكر إلّا بأحلامك، فالدفء يتيح للجميع التفكير بشكلٍ أفضل، وبتجردٍ تام، وقلبٍ صافٍ وذهنٍ متّقد.

الصيف فصل الفنون جميعها، حيث تتجلى الطبيعة بأن تمنحنا ألوان الثمار بكافة تدرجاتها، لتتشكل صورةً تُلهم أعظم الفنانين والأشخاص، وفيه تتجلى عظمة الخالق سبحانه في التفاصيل الصغيرة والكبيرة، وهو فصل العمل، الذي تجتهد فيه جميع المخلوقات بنشاطٍ ليس له مثيل، لتكتمل بذلك دورةٌ من دورات الحياة، وتبدأ أخرى، إنّه فصل الصيف، فصل الحبّ والجمال والحيوية.

شارك في هذا المقال
أنا شيماء الصاعدي، كاتبة شغوفة بمجال الآداب، حيث أجد في الكلمات وسيلة للتعبير عن أعمق المشاعر والأفكار. حصلت على درجة البكالوريوس في الأدب العربي من جامعة القاهرة، ومنذ ذلك الحين كرست حياتي لدراسة وكتابة النصوص الأدبية التي تحاكي الروح الإنسانية. لدي خبرة تمتد لأكثر من خمس سنوات في كتابة المقالات النقدية والقصص القصيرة التي تنشر في مجلات أدبية مرموقة. أسعى دائمًا لاستكشاف الأبعاد الثقافية والتاريخية في الأدب، وأؤمن بأن الكتابة هي جسر يربط بين الحضارات والأجيال. شغفي يكمن في صياغة النصوص التي تترك أثرًا في قلوب القراء وتدفعهم للتفكير والتأمل.
Leave a Comment