معرفة توقيت فرض صيام شهر رمضان: دليل شامل

فراس الأحمد
5 دقيقة للقراءة

وقت فَرْض صيام شهر رمضان

فُرِضَ صيام شهر رمضان في شهر شعبان من السنة الثانية للهجرة، وذلك بعد تحويل القِبلة إلى الكعبة المُشرَّفة بشهرٍ تقريباً،1
وقِيل إنّ فَرْض الصيام كان لليلتين من شهر شعبان من السنة الثانية،2 وبذلك وجب صيام شهر رمضان المبارك على كلّ مسلمٍ امتلك القدرة عليه، وكان بالغاً، عاقلاً، مُقيماً، خالياً من أيّ مانعٍ من موانع الصوم، وقد ثبت ذلك الوجوب في القرآن الكريم، والسنّة النبويّة، وإجماع العلماء، وبيان تلك الأدلّة فيما يأتي:3

  • قال الله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ).4
  • أخرج الإمام البخاريّ في صحيحه عن عبدالله بن عمر -رضي الله عنهما-، أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- قال: (بُنِيَ الإسْلَامُ علَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وأنَّ مُحَمَّدًا رَسولُ اللَّهِ، وإقَامِ الصَّلَاةِ، وإيتَاءِ الزَّكَاةِ، والحَجِّ، وصَوْمِ رَمَضَانَ).5
  • أجمع العلماء على وجوب صيام شهر رمضان وفرضيّته، وأنّه من أمور الدِّين المعلومة بالضرورة.

مراحل فَرْض الصيام

اختصّت الشريعة الإسلاميّة بعدّة مبادئ، منها: التدرُّج في إقرار الأحكام؛ رعايةً للظروف، وطبيعة النفوس، وما جُبِلت عليه من عاداتٍ ومبادئ، ويستند مبدأ التدرُّج إلى تشريع الأحكام الشرعيّة التي تتناسب مع طبيعة الظروف، والأشخاص، والنفوس، مع الحرص على رفع الحرج، وعدم إلحاق أيّ بأسٍ أو ضررٍ، ثمّ إقرار الأحكام التي لا تتغيّر ولا تتبدّل بتغيُّر المكان أو الزمان، ومن الأحكام التي تدرّج إقرارها الصيام،6 وفيما يأتي بيان كلّ مرحلةٍ من المراحل التي مرّ فيها:

المرحلة الأولى

فُرِض صيام العاشر من شهر مُحرّم؛ وهو يوم عاشوراء، في المرحلة الأولى من الصيام، وكانت قريش تصومه في الجاهليّة، كما كان النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- يصومه في مكّة قبل الهجرة، وبعد الهجرة إلى المدينة المُنوّرة صامه أيضاً، وأمر المسلمين بصيامه، ثمّ خيَّرهم بين صيامه وإفطاره حين فُرِض صيام رمضان، أخرج الإمام البخاريّ في صحيحه عن أمّ المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- قال: (مَن شَاءَ صَامَهُ، ومَن شَاءَ تَرَكَهُ)،78 وفُرِض صيام عاشوراء في السنة الأولى من الهجرة، ثمّ نُسِخ فَرضه بِفْرض صيام رمضان في السنة الثانية.9

المرحلة الثانية

نسخ الله -تعالى- وجوب صيام يوم عاشوراء بفرضيّة صيام رمضان على التخيير بين أداء الفِدية والصيام، كما ورد في قوله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ*أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ وَأَن تَصُومُوا خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ).1011

المرحلة الثالثة

نُسِخت المرحلة الثانية من صيام شهر رمضان بفَرْضه على كلّ مسلمٍ دون تخييرٍ، ونُسِخت الآيات السابقة بقول الله -تعالى-: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّـهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّـهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)،1211 وعلى ذلك استقرّ الصيام؛ بالامتناع عن أيّ مُفطِرٍ من المُفطِرات، منذ طلوع الفجر الصادق إلى غروب الشمس، وطيلة شهر رمضان.13

المراجع

  1. موسى العازمي (2011)، اللؤلؤ المكنون في سيرة النبي المأمون (الطبعة الأولى)، الكويت: المكتبة العامرية، صفحة 322، جزء 2. بتصرّف.
  2. علي بن محمد البغدادي (1999)، الحاوي الكبير (الطبعة الأولى)، بيروت: دار الكتب العلمية، صفحة 396، جزء 3. بتصرّف.
  3. سعيد القحطاني (2010)، الصيام في الإسلام في ضوء الكتاب والسنة (الطبعة الثانية)، القصب: مركز الدعوة والارشاد، صفحة 48-51. بتصرّف.
  4. سورة البقرة، آية: 183.
  5. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبدالله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 8، صحيح.
  6. محمد الزحيلي (2006)، الوجيز في أصول الفقه (الطبعة الثانية)، دمشق: دار الخير للطباعة، صفحة 233، جزء 2. بتصرّف.
  7. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 2002، صحيح.
  8. محمد التويجري (2009)، موسوعة الفقه الإسلامي (الطبعة الأولى)، صفحة 130-131، جزء 3. بتصرّف.
  9. محمد الطاهر بن عاشور (1984)، التحرير والتنوير، تونس: الدار التونسية للنشر، صفحة 201، جزء 1. بتصرّف.
  10. سورة البقرة، آية: 183-184.
  11. ^ أ ب محمد التويجري (2009)، موسوعة الفقه الإسلامي (الطبعة الأولى)، صفحة 131، جزء 3. بتصرّف.
  12. سورة البقرة، آية: 185.
  13. خالد الجريسي، الصوم جنة، صفحة 23. بتصرّف.
شارك في هذا المقال
صورة شخصية الكاتب فراس الأحمد - متخصص في تاريخ الفكر الإسلامي
بواسطة فراس الأحمد
أنا فراس الأحمد، كاتب وباحث شغوف بدراسة الإسلام وتاريخه العريق. حصلت على درجة الماجستير في الدراسات الإسلامية من جامعة الأزهر، حيث ركزت على تاريخ الفكر الإسلامي وتأثيره على الحضارات. لدي خبرة تمتد لأكثر من عشر سنوات في الكتابة والبحث، حيث نشرت العديد من المقالات والكتب التي تناقش القضايا المعاصرة من منظور إسلامي. شغفي يكمن في توضيح الجوانب التاريخية والفكرية للإسلام، وأسعى دائمًا لتقديم محتوى يجمع بين الأصالة والمعاصرة. أهدف من خلال كتاباتي إلى بناء جسور من التفاهم بين الثقافات المختلفة، وإبراز جمال وقيم الإسلام في حياتنا اليومية.
Leave a Comment