تفسير حديث الرسول: سباب المسلم وأثره على الدين

فراس الأحمد
4 دقيقة للقراءة

معنى الحديث

ينهى النبي عليه الصلاة والسلام في هذا الحديث عن خصلتين:

  • الأولى: سب المسلم

والسب هو التحقير والذم والعيب للشخص، وحكم النبي بفسق فاعل ذلك بغير وجه حق، قال الإمام النووي رحمه الله: “السَّبُّ فِي اللُّغَةِ الشَّتْمُ وَالتَّكَلُّمُ فِي عِرْضِ الْإِنْسَانِ بِمَا يَعِيبُهُ، وَالْفِسْقُ فِي اللُّغَةِ الْخُرُوجُ وَالْمُرَادُ  بِهِ فِي الشَّرْعِ الْخُرُوجُ عَنِ الطَّاعَةِ”،1 فسب المسلم للمسلم بغير وجه حق عدواناً وظلماً هو فسق ومعصية يأثم فاعلها ويستحق التعزير على ذلك.

وقيد ” بغير وجه حق” هو لإخراج ما إذا فعل ذلك بحق؛ كأن فعله قصاصاً ورداً على من سبه؛ إذا لم يعتدِ في السب كما جاء في الحديث: (الْمُسْتَبَّانِ ما قالا فَعَلَى البادِئِ، ما لَمْ يَعْتَدِ المَظْلُومُ).2

  • الثانية: قتال المسلم بغير وجه حق

وحكم النبي عليه السلام أنّ هذا الفعل كفر، وقد تعددت آراء العلماء في معنى إطلاق الكفر على من فعل ذلك؛ وهل هو الكفر الأكبر المخرج من الملة أو هو كفر أصغر غير مخرج من الملة على أقوال أشهرها:3

  • إنّه كفر مخرج من الملة؛ ولكنه محمول على من استحل مثل هذه القتال للمسلم.

نص الحديث وحكمه

هذا الحديث حديثٌ صحيح، اتفق العلماء على صحته، فلا مطعن في سنده، والصحيح أنه مرفوع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونص الحديث فيما يأتي:

  • رواه الشيخان البخاري ومسلم عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-؛ أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (سِبَابُ المُسْلِمِ فُسُوقٌ، وقِتَالُهُ كُفْرٌ).4
  • رواه الإمام أحمد في المسند وابن ماجه في سننه وغيرهما؛ عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه بلفظ: (قِتَالُ المسلم كُفْرٌ وَسِبَابُهُ فُسُوقٌ، وَلا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يهجر أَخَاهُ فَوْقَ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ).5

وقد ذكر ابن حجر في فتح الباري سبب قصة هذا الحديث حيث قال: “وَوَرَدَ لِهَذَا الْحَدِيثِ سَبَبٌ أَخْرَجَهُ الْبَغَوِيُّ وَالطَّبَرَانِيُّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي خَالِدٍ الْوَالِبِيِّ عَنْ عَمْرِو بْنِ النُّعْمَانِ بْنِ مُقْرِنٍ الْمُزَنِيِّ”.6

“قَالَ: انْتَهَى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى مَجْلِسٍ مِنْ مَجَالِسِ الْأَنْصَارِ، وَرَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ كَانَ قد عُرِفَ بِالْبَذَاءِ وَمُشَاتَمَةِ النَّاسِ؛ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (سِبَابُ الْمُسْلِمِ فُسُوقٌ وَقِتَالُهُ كُفْرٌ)، زَادَ الْبَغَوِيُّ فِي رِوَايَتِهِ: فَقَالَ ذَلِكَ الرَّجُلُ: وَاللَّهِ لَا أُسَابُّ رَجُلًا”.6

ما يستفاد من الحديث

هناك فوائد عديدة للحديث النبوي الشريف، نذكرها فيما يأتي:

  • تعظيم حق المسلم على المسلم.
  • خطورة سب المسلم.
  • خطورة قتال المسلم والاعتداء عليه.
  • جواز رد المظالم دون تعدي.
  • بذاءة اللسان تنفر الناس، وتجعلهم يطلقون وسماً على فاعلها.

المراجع

  1. الإمام النووي (1379)، المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج (الطبعة 2)، بيروت:دار إحياء التراث العربي، صفحة 53- 54، جزء 2.
  2. رواه الإمام مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة ، الصفحة أو الرقم: 2587، صحيح.
  3. [ابن رجب الحنبلي]، فتح الباري، صفحة 139. بتصرّف.
  4. رواه الإمام البخاري ، في صحيح البخاري ، عن عبد الله بن مسعود، الصفحة أو الرقم: 48، صحيح.
  5. رواه الإمام أحمد بن حنبل، في المسند، عن سعد بن أبي وقاص، الصفحة أو الرقم:1514، صحيح.
  6. ^ أ ب [ابن حجر العسقلاني]، فتح الباري، صفحة 27.
شارك في هذا المقال
صورة شخصية الكاتب فراس الأحمد - متخصص في تاريخ الفكر الإسلامي
بواسطة فراس الأحمد
أنا فراس الأحمد، كاتب وباحث شغوف بدراسة الإسلام وتاريخه العريق. حصلت على درجة الماجستير في الدراسات الإسلامية من جامعة الأزهر، حيث ركزت على تاريخ الفكر الإسلامي وتأثيره على الحضارات. لدي خبرة تمتد لأكثر من عشر سنوات في الكتابة والبحث، حيث نشرت العديد من المقالات والكتب التي تناقش القضايا المعاصرة من منظور إسلامي. شغفي يكمن في توضيح الجوانب التاريخية والفكرية للإسلام، وأسعى دائمًا لتقديم محتوى يجمع بين الأصالة والمعاصرة. أهدف من خلال كتاباتي إلى بناء جسور من التفاهم بين الثقافات المختلفة، وإبراز جمال وقيم الإسلام في حياتنا اليومية.
Leave a Comment