قصيدة: لا أنام لأحلم
قال محمود درويش:1
- لا أَنامُ لأحلم قالت لَهُ
- بل أَنام لأنساكَ. ما أطيب النوم وحدي
- بلا صَخَبٍ في الحرير، اُبتعدْ لأراكَ
- وحيدًا هناك، تفكِّر بي حين أنساكَ
- لا شيء يوجعني في غيابكَ
- لا الليل يخمش صدري ولا شفتاكَ
- أنام على جسدي كاملًا كاملا
- لا شريك له،
- لا يداك تشقَّان ثوبي، ولا قدماكَ
- تَدُقَّانِ قلبي كبُنْدقَةٍ عندما تغلق الباب
- لا شيء ينقصني في غيابك:
- نهدايَ لي. سُرَّتي. نَمَشي. شامتي،
- ويدايَ وساقايَ لي. كُلُّ ما فيَّ لي
- ولك الصُّوَرُ المشتهاةُ، فخذْها
- لتؤنس منفاكَ، واُرفع رؤاك كَنَخْبٍ
- أخير. وقل إن أَردت: هَواكِ هلاك.
- وأَمَّا أَنا، فسأُصغي إلى جسدي
- بهدوء الطبيبة: لاشيء، لاشيء
- يُوجِعُني في الغياب سوى عُزْلَةِ الكون!
قصائد أُخرى لمحمود درويش
قصائد أُخرى لمحمود درويش فيما يأتي:
قصيدة: إلى أمي
قال محمود درويش:2
- أحنُّ إلى خبز أمي
- وقهوة أُمي
- ولمسة أُمي
- وتكبر فيَّ الطفولةُ
- يومًا على صدر يومِ
- وأعشَقُ عمرِي لأني
- إذا مُتُّ،
- أخجل من دمع أُمي!
- خذيني، إذا عدتُ يومًا
- وشاحًا لهُدْبِكْ
- وغطّي عظامي بعشب
- تعمَّد من طهر كعبك
- وشُدّي وثاقي
- بخصلة شعر
- بخيطٍ يلوَّح في ذيل ثوبك
- عساني أصيرُ إلهًا
- إلهًا أصيرْ
- إذا ما لمستُ قرارة قلبك!
- ضعيني، إذا ما رجعتُ
- وقودًا بتنور ناركْ
- وحبل غسيل على سطح دارك
- لأني فقدتُ الوقوف
- بدون صلاة نهارك
- هَرِمْتُ، فردّي نجوم الطفولة
- حتى أُشارك
- صغار العصافير
- درب الرجوع
- لعُشِّ انتظارِك!
قصيدة: على هذه الأرض ما يستحق الحياة
قال محمود درويش:3
- علَى هَذِهِ الأَرْض مَا يَسْتَحِقُّ الحَياةْ: تَرَدُّدُ إبريلَ، رَائِحَةُ الخُبْزِ فِي
- الفجْرِ، آراءُ امْرأَةٍ فِي الرِّجالِ، كِتَابَاتُ أَسْخِيْلِيوس، أوَّلُ الحُبِّ، عشبٌ
- عَلَى حجرٍ، أُمَّهاتٌ تَقِفْنَ عَلَى خَيْطِ نايٍ، وخوفُ الغُزَاةِ مِنَ الذِّكْرياتْ.
- عَلَى هَذِهِ الأرْض ما يَسْتَحِقُّ الحَيَاةْ: نِهَايَةُ أَيلُولَ، سَيِّدَةٌ تترُكُ
- الأَرْبَعِينَ بِكَامِلِ مشْمِشِهَا، ساعَةُ الشَّمْسِ فِي السَّجْنِ، غَيْمٌ يُقَلِّدُ سِرْبًا مِنَ
- الكَائِنَاتِ، هُتَافَاتُ شَعْبٍ لِمَنْ يَصْعَدُونَ إلى حَتْفِهِمْ بَاسِمينَ، وَخَوْفُ
- الطُّغَاةِ مِنَ الأُغْنِيَاتْ.
- عَلَى هَذِهِ الأرْضِ مَا يَسْتَحِقُّ الحَيَاةْ: عَلَى هَذِهِ الأرضِ سَيَّدَةُ
- الأُرْضِ، أُمُّ البِدَايَاتِ أُمَّ النِّهَايَاتِ. كَانَتْ تُسَمَّى فِلِسْطِين. صَارَتْ تُسَمَّى
- فلسْطِين. سَيِّدَتي: أَستحِقُّ، لأنَّكِ سيِّدَتِي، أَسْتَحِقُّ الحَيَاةْ.
قصيدة: تنسى كأنك لم تكن
قال محمود درويش:4
- تُنسى، كأنَّكَ لم تَكُنْ
- تُنْسَى كمصرع طائرٍ
- ككنيسةٍ مهجورةٍ تُنْسَى،
- كحبّ عابرٍ
- وكوردةٍ في الليل …. تُنْسَى
- أَنا للطريق…هناك من سَبَقَتْ خُطَاهُ خُطَايَ
- مَنْ أَمْلَى رُؤاهُ على رُؤَايَ. هُنَاكَ مَنْ
- نَثَرَ الكلام على سجيَّتِه ليدخل في الحكايةِ
- أَو يضيءَ لمن سيأتي بعدَهُ
- أَثرًا غنائيًا…وحدسا
- تُنْسَى، كأنك لم تكن
- شخصًا، ولا نصّاً… وتُنْسَى
- أَمشي على هَدْيِ البصيرة، رُبّما
- أُعطي الحكايةَ سيرةً شخصيَّةً. فالمفرداتُ
- تسُوسُني وأسُوسُها. أنا شكلها
- وهي التجلِّي الحُرُّ. لكنْ قيل ما سأقول.
- يسبقني غدٌ ماضٍ. أَنا مَلِكُ الصدى.
- لا عَرْشَ لي إلاَّ الهوامش. و الطريقُ
- هو الطريقةُ. رُبَّما نَسِيَ الأوائلُ وَصْفَ
- شيء ما، أُحرِّكُ فيه ذاكرةً وحسّا
- تُنسَى، كأنِّكَ لم تكن
- خبرًا، ولا أَثرًا… وتُنْسى
- أَنا للطريق… هناك مَنْ تمشي خُطَاهُ
- على خُطَايَ، وَمَنْ سيتبعني إلى رؤيايَ.
- مَنْ سيقول شعرًا في مديح حدائقِ المنفى،
- أمامَ البيت، حرًا من عبادَةِ أمسِ،
- حرًا من كناياتي ومن لغتي، فأشهد
- أَنني حيُّ
- وحُرُّ
- حين أُنْسَى!
المراجع
- “لا أنام لأحلم”، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 26/7/2022.
- “إلى أمي”، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 26/7/2022.
- “على هذه الأرض”، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 26/7/2022.
- “تنسى كأنك لم تكن”، الديوان ، اطّلع عليه بتاريخ 26/7/2022.