تأمّلات شعرية في السلام والتآلف: قصيدة تحاكي جوانب السلام

شيماء الصاعدي
3 دقيقة للقراءة

أنشودة السلام

أيهــا السـادرونَ فـي ظلمـة الأر

ض كفـــاكم شــقاوةً وذهــولا

احــملوا نــادمينَ أشــلاء موتـا

كـم ونوحـوا عـلى القبـور طـويلا

ضمّخوهــا بــالعطر لفّـوا بقايـا

هــا بزَهْــر الكنــارِ والياسـمينِ

واهتفــوا حولهـا بأنشـودة السـلـ

ــمِ ليهنـا فـي القـبر كـلُّ حـزينِ

اجــمعوا الصبيـة الصغـار ليشـدوا

بلحـــون الصفـــاء والابتســامِ

أنقـذوا الميّتيـن مـن ضجّـة الحـر

بِ ليستشــعروا جمــال الســلامِ

فيـم هـذا الصـراع يـا أيهـا الأحـ

ـيـاءُ؟ فيـم القتـالُ؟ فيـم الدماءُ؟

فيـمَ راح الشُـبّانُ فـي زَهْـرة العُمْـ

ــرِ ضحايـا وفيـمَ هـذا العِـداءُ؟

أهْـو حـبُّ الـثراءِ؟ يا عَجَبَ القلـ

ــبِ! ومـا قيمـة الـثراء الفـاني؟

فـي غـدٍ رحلـةٌ فهـل يـدفع الأمـ

ـــواتُ بالمـالِ وحشـةَ الأكفـانِ؟

كـل حـيّ غـدًا إلـى القـبر مَغْـدَا

هُ فهــل ثَـمَّ فـي الممـاتِ ثـراءُ؟

افتحــوا هــذه القبــورَ وهـاتوا

حدِّثونــا أيــنَ الغِنَـى والرخـاءُ؟

أنظـروا هـا هنا على الشوكِ والرَمْـ

ـــلِ ثـوى الأغنيـاءُ والمُعْدمونـا

أيُّ فَـرْقٍ تـرى وهل غيرُ صمتِ الـ

ـمـوتِ فـوق القبـور والراقدينـا؟

عجبًـا مـا الـذي إذن سـاق هذا الـ

ـكــون للمـوتِ والأذى والدَّمَـارِ؟!

فيـم تحـدو الشُـعوبَ أطمـاعُ غـرٍّ

يتصبَّــى عينيــهِ وهْـجُ النـار ِ؟

نشـوةُ النَّصْـرِ؟ يـا لسُـخْرية الألـ

ـفـاظِ! يـا لَلأَوهـامِ يـا لَلضَّـلالِ!

أيهــا الواهمــونَ حســبكمو وهْـ

ـمًـا وهبُّـوا مـن الكَـرَى والخيـالِ

قصيدة هل آية في السلم والحرب

هَلْ آيَةٌ في السِّلْمِ وَالْحَرْبِ

تُعْدِلُ نَشْرَ الْعِلْمِ في الشَّعْبِ

فَإِنَّ مِنْ مُعْجِزِهِ كُلَّ مَا

نُكْبِرُهُ في الشَّرْقِ وَالغَرْبِ

يَا نُصَرَاءَ الْعِلْمِ شُكْرُ النُّهَى

لَكُمْ كَشُكْرِ الرَّوْضِ لِلسُّحُبِ

مِصْرُ تُحَيِّيكُمْ وَتُثْنِي عَلَى

كُلِّ جَوَادٍ مَاجِدٍ نَدْبِ

تُثْنِي وَتَرْعَى بِعُيُونِ الرِّضَا

جُهْدَ الرِّجَالِ الصُّبُرِ الْغُلْبِ

مِصْرُ الَّتِي فِيهَا الْهُدَى وَالنَّدَى

يَسْتَبِقَانِ المَجْدَ مِنْ قُرْبِ

تُعْطِي النُّهَى بِالْعَذْبِ مِنْ نِيلِهَا

حَظَّ الثَّرَى مِنْ نِيلِهَا الْعَذْبِ

وتَحْفَظُ الْحُسْنَى لأَرْبَابِهَا

في حَاضِرِ الْوَقْتِ وَفِي الْعَقْبِ

تَكَامَلِي يَا دَارَ عِلْمٍ غَدَتْ

لِكُلِّ فَضْلٍ مَرْكَزَ الْقُطْبِ

كُلِّيَّةٌ في كُلِّ جُزْءٍ بِهَا

كَنْزٌ مِنَ العِرْفَانِ لِلُّبِّ

تُعِدُّ فِتْيَانَاً يُبَاهَى بِهِمْ

في الحَقِّ وَالآدَابِ وَالطِّبِّ

مَدْرَسَةٌ يُدْرِكُ طُلاَّبُهَا غَايَةَ

مَا رَامُوا مِنَ الطِّلْبِ

مَن أَمرُهُ عُسْرُ وَمَنْ أَمْرُهُ

يُسْرٌ نَزِيلاَهَا عَلَى الرُّحْبِ

تَخْدُمُ كُلاًّ مِنهُمَا خَدْمَةً

رَاضِيَةً لِلْعَبْدِ وَالرَّبِّ

تَبُثُّ في العَقلِ نَشَاطَ المُنَى

وَتَبْعَثُ النَّجْدَةَ فِي القَلْبِ

لِلشَّعْبِ نَفعٌ جِدُّ نَفْعٍ بِهَا

كَفَاؤُهُ لَيسَ مِنَ اللِّعْبِ

وَالشَّعْبُ مَا زَالَ بَنُوهُ لَنَا

طَلِعَةً في المَطْلِعِ الصَّعْبِ

أَتْعَبَ قُوَّامٍ بِمَجدِ الحِمَى

في سَعَةِ العَيْشِ وَفِي الكَرْبِ

مَهْمَا يُعِنْهُمْ مُوسِرُو قَوْمِهِمْ

فَالفَضْلُ في جَانِبِهِمْ مُرْبِي

لَكِنَّنَا في زَمَنِ حَائِرٍ

أُخْطِيءَ فيهِ مَوْضِعُ العُجْبِ

فَأَوْجَبَ الشُّكْرَ لأَدْنَى النَّدَى

مَا جَعَلَ الفَقْرَ مِنَ الذَّنْبِ

أَوْلَى تَلاَقِي كُلِّ صَدْعٍ بَدَا

مِنْ جَانِبِ الْجُمْهُورِ بِالرَّأْبِ

فَإِنَّ مَنْ صَانَ أَسَاساً وَهَي

صَانَ حِمىً مِنْ سيئ الغِبِّ

وَالشَّعبُ إِنْ طَالَ مَدَى جَهْلِهِ

بَدَتْ عَلَيْهِ نُقْطَةُ الشَّغْبِ

أَبْهَجْ بِهَا لَيْلَةَ أُنْسٍ زَهَتْ

مُضَاءَةً بِالسَّادَةِ الشُّهْبِ

بُورِكَ فِي دَاعٍ إِلَيْهَا وَفِي

سَاعٍ إلى الإِحْسَانِ عَنْ حُبِّ

أبيات من قصيدة سلام على بغداد

يقول الشاعر عبد الرزاق عبد الواحد:

سلامٌ على بغداد.. شاخَتْ من الأسى

شناشيلُها.. أبلامُها.. وقِفافُها

وشاخت شواطيها، وشاخت قبابُها

وشاخت لفرط الهمِّ حتى سُلافُها

فلا اكتُنِفَتْ بالخمر شطآنُ نهرِها

ولا عاد في وسعِ النَّدامى اكتنافُها!
شارك في هذا المقال
أنا شيماء الصاعدي، كاتبة شغوفة بمجال الآداب، حيث أجد في الكلمات وسيلة للتعبير عن أعمق المشاعر والأفكار. حصلت على درجة البكالوريوس في الأدب العربي من جامعة القاهرة، ومنذ ذلك الحين كرست حياتي لدراسة وكتابة النصوص الأدبية التي تحاكي الروح الإنسانية. لدي خبرة تمتد لأكثر من خمس سنوات في كتابة المقالات النقدية والقصص القصيرة التي تنشر في مجلات أدبية مرموقة. أسعى دائمًا لاستكشاف الأبعاد الثقافية والتاريخية في الأدب، وأؤمن بأن الكتابة هي جسر يربط بين الحضارات والأجيال. شغفي يكمن في صياغة النصوص التي تترك أثرًا في قلوب القراء وتدفعهم للتفكير والتأمل.
Leave a Comment