ما حكم صلاة ليلة الرغائب؟
صلاة الرغائب بدعة لا تصح، ولا تجوز الدعوة للتجمع لأدائها، ونُقل عن مجموعةٍ من العلماء أنّها بدعةٌ، ومنهم النووي في المجموع؛ حيث قال إنّ صلاة الرغائب في أول ليلة جمعة من رجب وصلاة ليلة النصف من شعبان بدعةٌ وأمرٌ منكر، وأجاب حين سُئل عن صلاة الرغائب بأنّها بدعة منكرة، ويجب على المسلم أن يتركها ويُعرض عن أدائها، وأن يوضح لفاعلها حكمها وينصحه بتركها، ومجرد ذكر هذه الصلاة في الكتب ككتابي قوت القلوب في معاملة المحبوب، ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد لأبي طالب المكي، وإحياء علوم الدين لأبي حامد الغزالي لا يعني صحّتها، ويدل على مشروعيتها.12
الأحاديث الواردة في ليلة الرغائب
كل الأحاديث المذكور في صلاة الرغائب وفضيلتها لا تصح، وحكم العلماء ببطلانها، ما ذكره الصغاني في كتابه الموضوعات: (أحاديثُ فَضيلةِ ليلةِ أوَّلِ جُمُعةٍ مِن رجَبٍ، المُسمَّاة: صلاةَ الرغائبِ) أنّها كلها من الموضوعات -أي الأحاديث المكذوبة عن رسول الله-، وقال العجلوني في كتاب كشف الخفاء: (صلاةُ الرغائبِ وصلاةُ نصفِ شعبانَ وصلاةُ نصفَ رجبَ وصلاةُ الإيمانِ وصلاةُ ليلةِ المعراجِ وصلاةُ ليلةِ القدرِ وصلاةُ كلِّ ليلةٍ منْ رجبَ وشعبانَ ورمضانَ)؛ بأنّ الأحاديث الواردة حول هذه الصلوات لا أصل لها.3
تاريخ تسمية ليلة الرغائب
لم يكن ذكر ليلة الرغائب وإحياؤها معروفًا لدى المسلمين، وظهر ذكرها وأداؤها في العام 480 هـ، في بيت المقدس، حيث ذكر أبو شامة المقدسي أنّ صلاتي النصف من شعبان ظهرت حين أداها ابن أبي الحَمراء في المسجد الأقصى عام 448 هـ وانضم له الناس، ولم تكن تُعرف سابقًا هذه الصلاة، وكذلك صلاة الرغائب في أول جمعة من رجب لم تكن معرفةً لدى الناس ولم يسمعوا بها قبل 480 هـ؛ مما يدل على كونها بدعةً.4
صفة صلاة الرغائب
تحدّث الإمام النووي في المجموع عن صفة صلاة الرغائب وكيف يؤديها من يفعلها، فقال: “الصلاة المعروفة بصلاة الرغائب، وهي اثنتا عشرة ركعة تُصلّى بين المغرب والعشاء ليلة أول جمعة في رجب”،1وذكرها ابن الحاج في المدخل؛ فوصف بأنّها بدعةٌ ابتدعها الناس في أول جمعة من رجب، ويؤدّونها جماعةً وكأنّها صلاة مشروعة، ويرافق أدائها عددٌ من المفاسد منها: اجتماع النساء والرجال في الليل، مع زيادة وقود القناديل التي في زيادة وقودها إضاعة المال المخصص لزيت الوقف.5
أسباب الحكم ببدعية صلاة الرغائب
ذكر العزّ بن عبدالسلام عددًا من الأسباب للحكم ببدعية هذه الصلاة في رسالة خاصة بها وجّهها لابن الصلاح، ومن أبرزها ما يأتي:6
- المصلّي لصلاة الرغائب -وبخاصة إن كان من العلماء- سيوهم الناس بأنّها من السنن، وبالتالي سيكون داعيًا لضلالة وبدعةٍ.
- استسهال فعل البدع -وبخاصة من الملتزمين- قد يغري المبتدعين الواضعين بوضع المزيد من البدع وافترائها.
- هذه الصلاة مخالِفة لسنة السكون في الصلاة، من جهة أنَّ فيها إعادة سورة الإخلاص اثنتي عشرة مرة وعدها، وعد سورة القدر، ولا يمكن عدُّها -في الغالب- إلا بتحريك المصلي لبعض أعضائه، فيخالف السنة في تسكين الأعضاء بالصلاة.
- مخالفة صلاة الرغائب لضرورة خشوع القلب وخضوعه وحضوره في الصلاة، وتفريغه لله تعالى وملاحظة جلاله وكبريائه، والوقوف على معاني القراءة والأذكار.
- هذه الصلاة مخالفة للسنة في أداء النوافل؛ فالسنة في النوافل أنّ أدائها في البيوت أفضل من أدائها في المساجد، إلا ما استثناه الشرع؛ كصلاة الاستسقاء والكسوف.
- مخالفة لسنة الانفراد بالنوافل؛ فإنّ السنة فيها الانفراد -إلا ما استثناه الشرع-، وصلاة الرغائب تُخالف ذلك حيث تؤدّى جماعةً.
- لو فرضنا -جدلًا- أنَّ السجدتين مشروعتان، لكان أداؤها مخالفًا للسنة في خشوعهما وخضوعهما؛ للاشتغال بعدّ التسبيح فيهما.
المراجع
- ^ أ ب النووي، المجموع شرح المهذب، صفحة 56. بتصرّف.
- النووي، فتاوى النووي، صفحة 57. بتصرّف.
- “أحاديث ليلة الرغائب”، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 17/8/2024. بتصرّف.
- أبو الشامة المقدسي، الباعث على إنكار البدع والحوادث، صفحة 35. بتصرّف.
- ابن الحاج، المدخل، صفحة 293. بتصرّف.
- العز بن عبد السلام وابن الصلاح، مساجلة علمية بين الإمامين الجليلين العز بن عبد السلام وابن الصلاح حول صلاة الرغائب المبتدعة، صفحة 5-12. بتصرّف.