تفسير سورة الماعون للأطفال: مرشد تعليمي في تفهم السورة

فراس الأحمد
5 دقيقة للقراءة

سورة الماعون

سورة الماعون من سور القرآن الكريم القصار، يسهل على الصغار ترديدها وحفظها، وهي سورةٌ مليئةٌ بالقيم الإيمانية والأخلاقية، من خلال ذكر آياتها لصفاتٍ سيئةٍ للكافرين والمنافقين والتحذير منها؛ لذا فإنّ تفسير سورة الماعون للأطفال وتعريفهم بمعانيها أمرٌ مهم، يقول تعالى في سورة الماعون: (أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ* فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ* وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ* فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ* الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ* الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ* وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ)،1 وفيما يأتي تفسيرٌ لسورة الماعون بشكلٍ مبسّطٍ للأطفال.

تفسير آيات سورة الماعون

أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ

تبدأ سورة الماعون بالاستفهام والسؤال، وهو سؤال للنبي -صلى الله عليه وسلم-: يا أيها النبي هل رأيت وشاهدت الذي يكذب بيوم الحساب والجزاء على الأعمال -أي يوم القيامة-؟ والمقصود من هذا السؤال ليس الإجابة؛ وإنّما المقصود منه التعجب الكبير من هذا الصنف من الناس، وهم الكافرون، وأول صفةٍ من صفاتهم أنّه يُكذبون بيوم الدين -أي يوم القيامة-؛ فلا يؤمنون بأنّ هناك يوم آخر سيحاسب الله تعالى فيه الناس على أعمالهم.2

فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ

تذكر هذه الآية الكريم صفةً أخرى من صفات الكافرين، وهي دعّ اليتيم، ومعنى الدّع الدّفع؛ أي أنّهم يدفعون اليتيم عن حقه؛ أي يظلمون اليتيم، ولا يعطونه حقه، ويتعاملون معه بقسوة، يؤذونه،2 وهذا فعلٌ قبيح وسيء، وأما الفعل الصحيح الذي دعا إليه الإسلام؛ فهو الإحسان إلى اليتيم، وإعطاؤه حقه.

وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ

من صفات الكافرين أنّهم المكذّبين بيوم الحساب وأنّهم لا يحضّون أي لا يحثّون ويشجعون أنفسهم وأهلهم وغيرهم على إطعام المساكين ومساعدتهم؛ فهم يبخلون بالمال، فلا ينفقونه في عمل الخير ومساعدة المحتاجين، وكذلك لا يحثّون أهلهم وغيرهم على بذل المال وإنفاقهم لمساعدة من يحتاجه من المساكين والفقراء.2

فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ

تنتقل الآيات الكريمة إلى بيان صفات المنافقين الذين كانوا يعيشون مع المسلمين، ويدَّعون أنهم مسلمين، ولكنهم في الحقيقة يخفون كفرهم وكرههم للمسلمين، وأول صفةٍ ذكرتها الآيات لهم أنّهم يؤدون الصلاة مع المسلمين في الظاهر لكنهم لا يؤدونها بحقها كما أمر الله تعالى؛ أي بأن يكونوا مخلصين في أدائها لله تعالى، فهؤلاء توعّدهم الله تعالى بالويل؛ أي الخزي والعذاب والهلاك، ووصفتهم الآية الكريمة بالمصلين من باب الاستهزاء بهم، فهم في الحقيقة ليسوا مصلين، هم غافلون عنها ويؤديها دون أن تكون خالصةً لله تعالى.3

الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ

أي أنّ هؤلاء المنافقين قصدهم من الصلاة هو أن يظهروا إسلامهم وادعاءهم بأنّهم مسلمون أمام الناس، ولا يقصدون بها وجه الله تعالى، وهذا يسمى الرياء؛ أي أن يكون القصد من الصلاة أو أي عبادة إعجاب الناس، والمسلم يبتعد عن هذه الصفة حتى لا يكون منافقًا؛ فهو يتوجه بعبادته لإرضاء الله تعالى، ولا يقصد بذلك أن يُري الناس ليُعجبوا به.3

وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ

من صفات هؤلاء المنافقين أنّهم يمنعون الصدقة عن الفقراء، فيبخلون بمالهم وما زاد عن حاجتهم ولا يعطونه لمن يحتاجها، والماعون هو ما تُعيره للغير، أو المال أو الزكاة، ويطلق على أواني الطبخ والتي لا خسارة لصاحبها إذا أعارها غيره، وهذا يصف شدة بخلهم، تُحذّر الآية الكريمة من منع فعل الخير، وفعل الخير له صور متعددة، كإنفاق المال بالزكاة والصدقة لمن يقدر، أو إعارة كل ما يحتاجه الإنسان من الأغراض التي تعينه في حياته، والتي لا تكلف صاحبها شيئا،3 وقد حذّرت السورة المؤمنين من الاتصاف بهذه الصفات الذميمة للمنافقين، وقد توعد الله -تعالى- المنافقين الذين هذه صفاتهم بالويل، والويل هو العذاب الشديد، أو اسم واد في جهنم.4

الدروس المستفادة من سورة الماعون

احتوت سورة الماعون على دروس وعبر عديدة، يجب على المسلم أن ينتبها لها، ومن الدروس المستفادة من سورة الماعون:5

  • التشجيع على إطعام اليتم وكفالته والإحسان إليه.
  • التشجيع على أداء الصلاة في وقتها والحرص على إخلاص النية لله عند أدائها.
  • الحرص على فعل الخير المعروف وتقديم العون سواءً بالمال أو إعارة المحتاج ما يحتاجه من أشياء.
  • الحرص على الإخلاص في الأعمال كلها، والابتعاد عن الرياء وحب الظهور والسعي لنيل إعجاب الناس.

المراجع

  1. سورة الماعون، آية:1-7
  2. ^ أ ب ت وهبة الزحيلي (1422)، التفسير الوسيط (الطبعة 1)، دمشق:دار الفكر، صفحة 2941، جزء 3. بتصرّف.
  3. ^ أ ب ت ابن عاشور (1984)، التحرير والتوير، تونس:الدار التونسية، صفحة 567-568، جزء 30. بتصرّف.
  4. ابن جبرين، شرح عمدة الاحكام، صفحة 17، جزء 1. بتصرّف.
  5. أمين بن عبد الله الشقاوي، “تأملات في سورة الماعون”، الألوكة. بتصرّف.
شارك في هذا المقال
صورة شخصية الكاتب فراس الأحمد - متخصص في تاريخ الفكر الإسلامي
بواسطة فراس الأحمد
أنا فراس الأحمد، كاتب وباحث شغوف بدراسة الإسلام وتاريخه العريق. حصلت على درجة الماجستير في الدراسات الإسلامية من جامعة الأزهر، حيث ركزت على تاريخ الفكر الإسلامي وتأثيره على الحضارات. لدي خبرة تمتد لأكثر من عشر سنوات في الكتابة والبحث، حيث نشرت العديد من المقالات والكتب التي تناقش القضايا المعاصرة من منظور إسلامي. شغفي يكمن في توضيح الجوانب التاريخية والفكرية للإسلام، وأسعى دائمًا لتقديم محتوى يجمع بين الأصالة والمعاصرة. أهدف من خلال كتاباتي إلى بناء جسور من التفاهم بين الثقافات المختلفة، وإبراز جمال وقيم الإسلام في حياتنا اليومية.
Leave a Comment