تفسير آية الزواج في الإسلام: الحلال في النساء وأعدادهن

فراس الأحمد
3 دقيقة للقراءة

نص الآية

قال -تعالى- في سورة النساء: (وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَىٰ فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ ۖ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ۚ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا).1

المفردات اللغوية في الآية

فيما يأتي بيانٌ لمعاني المفردات اللغوية الواردة في الآية:2

  • تُقسطوا: أي تعدلوا.
  • فانكحوا: أي تزوجوا.
  • ما طاب لكم: أي من أعجبكم منهن.
  • مَثنى وثُلاث ورُباع: أي زوجتين أو ثلاث أو أربع فقط.
  • ما ملكت أيمانكم: أي الإماء.
  • أدنى: أقرب.
  • تعولوا: تَظلِموا.

سبب نزول الآية

ورد سبب نزول هذه الآية في الحديث الصحيح المروي عن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها-، حيث جاء فيه: “عَنْ عَائِشَةَ، (وَإنْ خِفْتُمْ ألَّا تُقْسِطُوا في اليَتَامَى)، قالَتْ: اليَتِيمَةُ تَكُونُ عِنْدَ الرَّجُلِ وهو ولِيُّهَا، فَيَتَزَوَّجُهَا علَى مَالِهَا، ويُسِيءُ صُحْبَتَهَا، ولَا يَعْدِلُ في مَالِهَا، فَلْيَتَزَوَّجْ ما طَابَ له مِنَ النِّسَاءِ سِوَاهَا، مَثْنَى وثُلَاثَ ورُبَاعَ”،3 وقد روي عن ابن عباسٍ -رضي الله عنهما- أنّ هذه الآية نزلت للتحذير من عدم العدل بين الزوجات، والنهي عن الزواج بأكثر من واحدةٍ إذا كان الرجل لا يستطيع القيام بحقّهنّ، فالنساء كاليتامى في الضعف، فعلى الرجال الخوف من ظلمهنّ كما يخافون من ظلم اليتامى.4

المعنى الإجمالي للآية

جاءت هذه الآية الكريمة للحديث عن موضوعين في غاية الأهمية، أمّا الأول فهو حُرمةُ ظلم الأيتام بأكل أموالهم بغير حقٍّ أو بعدم إعطائهم حقوقهم كاملةً، ومن ذلك أن يتزوج الرجلُ اليتيمةَ التي يحلُّ له الزواجُ بها، ويكونُ مالها عنده وتحت وصايته ورعايته، فلا يقوم بإعطائها مهرها كاملاً كغيرها من النساء، فنهى الله -تعالى- عن ذلك في هذه الآية، وهذا ما جاء في سبب النزول المروي عن عائشة -رضي الله عنها-، كما مهّدت هذه الآية لبيانِ وجوب المهر على الزوج، وأنّه حقٌ للمرأة فرضه الله لها عطيةً واجبةً تُعطى عن طيب نفس.5

وأما الموضوع الثاني فهو تقرير الحكم الشرعي بجواز تعدد الزوجات في الإسلام مع وجوب العدل بينهن، فقد أجاز الله -تعالى- للمسلم أن يتزوج بأكثر من زوجة، فيحلُّ للرجلِ في الإسلام أن يتزوج من واحدةٍ حتى أربعِ نساءٍ، ولا يحلُّ له الزواجُ بأكثر من أربع زوجاتٍ في نفس الوقت، وقد حذّر الإسلامُ من الظلم والجور في التعامل مع الزوجات، وأوجبَ على الزوجِ العدلَ بين نسائه في النفقة والمبيت وحسن العشرة، ونبّه إلى أفضلية الاقتصار على زوجةٍ واحدةٍ في حال عدم القدرة على العدل بين الزوجات، وهذا من عدلِ الإسلام ورحمته ورعايته للحقوق وصيانته للأسرة والمجتمع، وقد حثّ النبي -صلى الله عليه وسلم- على الإحسانِ إلى الزوجةِ والأهل واللطفِ بهم في كثيرٍ من الأحاديث، ومنها قوله: “خيرُكم خيرُكم لأهلِه، وأنا خيرُكم لأهلي”.67

المراجع

  1. سورة النساء، آية:3
  2. جلال الدين المحلي، تفسير الجلالين، صفحة 98. بتصرّف.
  3. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عروة بن الزبير، الصفحة أو الرقم:5098، حديث صحيح.
  4. الواحدي، أسباب النزول، صفحة 142. بتصرّف.
  5. وهبة الزحيلي، التفسير المنير، صفحة 233. بتصرّف.
  6. رواه الألباني، في صحيح الترغيب، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:1924، حديث صحيح.
  7. وهبة الزحيلي، التفسير المنير، صفحة 234-235. بتصرّف.
شارك في هذا المقال
صورة شخصية الكاتب فراس الأحمد - متخصص في تاريخ الفكر الإسلامي
بواسطة فراس الأحمد
أنا فراس الأحمد، كاتب وباحث شغوف بدراسة الإسلام وتاريخه العريق. حصلت على درجة الماجستير في الدراسات الإسلامية من جامعة الأزهر، حيث ركزت على تاريخ الفكر الإسلامي وتأثيره على الحضارات. لدي خبرة تمتد لأكثر من عشر سنوات في الكتابة والبحث، حيث نشرت العديد من المقالات والكتب التي تناقش القضايا المعاصرة من منظور إسلامي. شغفي يكمن في توضيح الجوانب التاريخية والفكرية للإسلام، وأسعى دائمًا لتقديم محتوى يجمع بين الأصالة والمعاصرة. أهدف من خلال كتاباتي إلى بناء جسور من التفاهم بين الثقافات المختلفة، وإبراز جمال وقيم الإسلام في حياتنا اليومية.
Leave a Comment