قصة تبرك أبي أيوب للرسول: فهم عميق للتقاليد الدينية

فراس الأحمد
4 دقيقة للقراءة

تبرُّك أبو أيوب بالنبي

اتّفق العلماء على مشروعية التبرّك بكل ما هو أثر عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فمما ورد في ذلك مع الصحابي الجليل أبي ايوب الأنصاري -رضي الله عنه-؛ أنّه كان حينما يرسل طعامًا إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، يأخذ الصحن بعد عودته من عند رسول الله، فيتفقد مكان أصابع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ويأكل من حيث أثر أصابعه؛ رجاء التبرّك بكل ما قد لامسه رسول الله -صلى الله عليه وسلم.1

فقد ثبت في صحيح مسلم: (فَكانَ يَصْنَعُ للنبيِّ -صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ- طَعَامًا، فَإِذَا جِيءَ به إلَيْهِ سَأَلَ عن مَوْضِعِ أَصَابِعِهِ فَيَتَتَبَّعُ مَوْضِعَ أَصَابِعِهِ، فَصَنَعَ له طَعَامًا فيه ثُومٌ، فَلَمَّا رُدَّ إلَيْهِ سَأَلَ عن مَوْضِعِ أَصَابِعِ النبيِّ -صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ-، فقِيلَ له: لَمْ يَأْكُلْ، فَفَزِعَ وَصَعِدَ إلَيْهِ، فَقالَ: أَحَرَامٌ هُوَ؟ فَقالَ النبيُّ -صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ-: لا وَلَكِنِّي أَكْرَهُهُ، قالَ: فإنِّي أَكْرَهُ ما تَكْرَهُ، أَوْ ما كَرِهْتَ).2

تبرُّك أبو أيوب بقبر النبي

فيما ورد عن الصحابي الجليل أبي أيوب الأنصاري بأنه وُجد واضعاً وجهه على قبر رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؛ فاستنكر عليه المروان بن الحكم حينما رآه، فقال حينها أبو أيوب الأنصاري -رضي الله عنه- بأنّه كان قاصدًا بذلك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وليس قاصدًا الحجر.34

ومما ورد في ذلك بأثر ضعيف وقد صححه الحاكم في مستدركه؛ (أقبَلَ مَرْوانُ يَومًا، فوَجَدَ رَجُلًا واضِعًا وَجْهَه على القَبرِ، فقال: أتَدْري ما تَصنَعُ؟ فأقبَلَ عليه فإذا هو أبو أيُّوبَ، فقال: نَعَمْ، جِئتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ولم آتِ الحَجَرَ، سَمِعتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يقولُ: لا تَبْكوا على الدِّينِ إذا وَلِيَه أهْلُه، ولكنِ ابْكُوا عليه إذا وَلِيَه غيرُ أهْلِه).34

تبرُّك الصحابة بالنبي

ثبت عن صحابة رسول الله تبركهم بكل ما لامسه رسول الله -صلى الله عله وسلم-؛ وفيما يأتي ذكر بعض من تبرك الصحابة -رضوان الله عليهم- بآثار رسول الله:5

  • التبرك بوضوءه

ومما ورد في ذلك: (وإذَا تَوَضَّأَ النبيُّ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- كَادُوا يَقْتَتِلُونَ علَى وَضُوئِهِ)،6 وذلك لحرصهم الشديد على التبرك بكل ما مسّه رسول الله.

  • التبرك بريقه ونخامه

ومما ورد في ذلك: (واللَّهِ إنْ رَأَيْتُ مَلِكًا قَطُّ يُعَظِّمُهُ أصْحَابُهُ ما يُعَظِّمُ أصْحَابُ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- مُحَمَّدًا، واللَّهِ إنْ تَنَخَّمَ نُخَامَةً إلَّا وقَعَتْ في كَفِّ رَجُلٍ منهمْ، فَدَلَكَ بهَا وجْهَهُ وجِلْدَهُ).7

  • التبرك بدمه

فقد ثبت عن بعض صحابة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- شربهم لدمه بغية التبرك به.

  • التبرك بشعره

فقد كان الصحابة -رضي الله عنهم- يحرصون على أن يأخذوا من شعر رسول الله عندما يحلق شعره.

  • التبرك بأظافره

فقد ثبت عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قام بتوزيع أظافره التي قام بتقليمها على الصحابة الكرام -رضي الله عنهم- للتبرك بها.

المراجع

  1. صهيب عبدالجبار، كتاب الجامع الصحيح للسنن والمسانيد، صفحة 60. بتصرّف.
  2. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي أيوب الأنصاري، الصفحة أو الرقم:2053، صحيح.
  3. ^ أ ب رواه شعيب الأرناؤوط، في تخريج المسند، عن أبو أيوب الأنصاري، الصفحة أو الرقم:23585، إسناده ضعيف.
  4. ^ أ ب ابو عبدالله الحاكم، كتاب المستدرك على الصحيحين للحاكم، صفحة 560. بتصرّف.
  5. مجموعة من المؤلفين، كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 73-70. بتصرّف.
  6. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن محمود بن الربيع الأنصاري، الصفحة أو الرقم:189، صحيح والشطر الثاني معلق وصله البخاري في موضع آخر.
  7. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم، الصفحة أو الرقم:2731، صحيح.
شارك في هذا المقال
صورة شخصية الكاتب فراس الأحمد - متخصص في تاريخ الفكر الإسلامي
بواسطة فراس الأحمد
أنا فراس الأحمد، كاتب وباحث شغوف بدراسة الإسلام وتاريخه العريق. حصلت على درجة الماجستير في الدراسات الإسلامية من جامعة الأزهر، حيث ركزت على تاريخ الفكر الإسلامي وتأثيره على الحضارات. لدي خبرة تمتد لأكثر من عشر سنوات في الكتابة والبحث، حيث نشرت العديد من المقالات والكتب التي تناقش القضايا المعاصرة من منظور إسلامي. شغفي يكمن في توضيح الجوانب التاريخية والفكرية للإسلام، وأسعى دائمًا لتقديم محتوى يجمع بين الأصالة والمعاصرة. أهدف من خلال كتاباتي إلى بناء جسور من التفاهم بين الثقافات المختلفة، وإبراز جمال وقيم الإسلام في حياتنا اليومية.
Leave a Comment