قصة ليلة الإسراء والمعراج: تاريخ وأهمية الحدث في الإسلام

فراس الأحمد
7 دقيقة للقراءة

ما هو تاريخ الإسراء والمعراج؟

تعدَّدت أقوال العلماء والمؤرخين حول تاريخ ليلة الإسراء والمعراج والوقت الذي وقعت فيه، ومن هذه الأقوال من ذهب إلى أنّ حادثة الإسراء والمعراج كانت قبل بعثة النبي -عليه الصلاة والسلام- أو في بداية نزول الوحي، وأكثر الأقوال وأرجحها أنّها كانت بعد البعثة بسنوات، مع خلاف في تعيين سنتها، وفيما يأتي ذكرٌ للأقوال والروايات الواردة في تاريخ الإسراء والمعراج بالهجري:12

  • الإسراء والمعراج كان في السنة الأولى من بعثة النبي: وهذا القول اختاره الإمام الطبري.
  • الإسراء والمعراج كان قبل الهجرة بسنة: أي في السنة الثانية عشرة للبعثة؛ لأنّ هجرة النبي كانت في السنة الثالثة عشرة للبعثة،3 وذهب إلى هذا القول كلٌ من ابن سعد، وابن حزم، والنووي.
  • الإسراء والمعراج كان قبل الهجرة بأشهر: حيث قال ابن الجوزي إنَّ الإسراء والمعراج كان قبل الهجرة بثمانية أشهر، وقال أبو الربيع بن سالم قبل الهجرة بستة أشهر، وذهب إبراهيم الحربي إلى أنّ الإسراء والمعراج كان قبل الهجرة بأحد عشر شهرًا.
  • الإسراء والمعراج كان قبل الهجرة بسنةٍ وشهرين: ونقل هذا القول ابن عبد البرِّ.
  • الإسراء والمعراج كان قبل الهجرة بسنةٍ وثلاثة أشهر: وهو القول حكاه ابن فارس.
  • الإسراء والمعراج كان قبل الهجرة بسنة وخمسة أشهر: وهذا القول قاله السَّدي.
  • الإسراء والمعراج كان قبل بعثة النبي: وهو قولٌ شاذٌّ، وأوّله وفسّره البعض بأنّه كان قبل البعثة رؤيةً في المنام، أما وقوع الإسراء والمعراج حقيقةً؛ فكان بعد البعثة.

وأما بالنسبة لليوم الذي وقعت فيه حادثة الإسراء والمعراج؛ فقد اختلف لعلماء في تحديده تبعًا لاختلافهم في في سنة حدوث الإسراء والمعراج، وبيان أقوالهم آتيًا:2

  • تاريخ الإسراء والمعراج كان السابع والعشرون من شهر رجب، وعلى هذا القول أكثر الناس، ويستذكر المسلمون اليوم الإسراء والمعراج في هذا التاريخ.
  • تاريخ الإسراء والمعراج كان في الَّليلة السَّابعة عشر من رمضان الموافق يوم السبت.
  • تاريخ الإسراء والمعراج كان في ليلة سبعٍ وعشرين من ربيع الآخر الموافق يوم الاثنين.
  • تاريخ الإسراء والمعراج كان في يوم الاثنين الثاني عشر من ربيع الأوَّل، وبذلك يكون يوم الاثنين هو يوم مولد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ويوم مبعثه، وهجرته، ووفاته، ويوم أُسري به إلى البيت المقدس وعُرج به إلى السماوات العلا.

قصة الإسراء والمعراج مختصرة

ما هو الإسراء والمعراج؟

يُقصد بالإسراء انتقال رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- ليلاً مع جبريل -عليه السَّلام- من المسجد الحرام بمكَّة إلى المسجد الأقصى في بيت المقدس على دابَّة البُراق، أمَّا المعراج فهو صعودهما أي النبي وجبريل- معًا من المسجد الأقصى إلى السَّماوات العُلا.4

ما دليل الإسراء والمعراج؟

ثبتت حادثة الإسراء والمعراج بالنُّصوص الشرعيَّة من القرآن الكريم والسنَّة النبويَّة الشَّريفة، وكذلك من خلال شهود الصَّحابة عليها، قال الله تعالى في كتابه الكريم: (سُبحانَ الَّذي أَسرى بِعَبدِهِ لَيلًا مِنَ المَسجِدِ الحَرامِ إِلَى المَسجِدِ الأَقصَى الَّذي بارَكنا حَولَهُ لِنُرِيَهُ مِن آياتِنا إِنَّهُ هُوَ السَّميعُ البَصيرُ).54

أحداث الإسراء والمعراج

  • الإسراء إلى بيت المقدس: أُتيَ للرسول الله -صلى الله عليه وسلَّم- في هذه الَّليلة بالبراق، وهو دابَّةٌ بيضاء طويلة، ما بين الحمار والبغل، وقد ركبه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وتوجَّه به إلى بيت المقدس، ثمَّ نزل عنه وربطه، ودخل إلى المسجد الأقصى وصلَّى فيه ركعتين، ثمَّ أتاه جبريل بإناءٍ من خمرٍ، وإناءٍ من لبنٍ، فاختار رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الإناء الذي فيه لبنٍ، فقال جبريل -عليه السلام-: “اخترت الفطرة”،4 وروي أنّه -عليه الصلاة والسلام- صلى إمامًا بالأنبياء -عليه السلام- في بيت المقدس.6
  • المعراج إلى السموات العلا: ثمَّ عُرِج بجبريل ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- من بيت المقدس إلى السَّماء، فقيل: “من أنت؟” قال: “جبريل”، قيل: “ومن معك؟”، قال: “محمد”، قيل: “وقد بُعث إليه؟” فقال: “قد بُعث إليه”، ففتح فإذا هو آدم -عليه السلام-، فرحَّب به ودعا له بالخير، وكذلك بالثَّانية فإذا به عيسى -عليه السّلام-، ثمَّ الثَّالثة فإذا به يوسف -عليه السّلام-، ثمَّ الرابعة فإذا به إدريس -عليه السّلام-، ثمَّ الخامسة فإذا به هارون -عليه السلام-، ثمّ في السادسة موسى -عليه السلام-، وصولاً إلى السابعة فإذا به إبراهيم -عليه السّلام-، وقد أسند ظهره إلى البيت المعمور.4
  • سدرة المنتهى وفرض الصلوات الخمس: صعد النبي بعد ذلك إلى سدرة المنتهى، وعندها رأى جبريل بصورته الملائكيَّة التي خلقه الله عليها، وشاهد الجنَّة والنَّار أيضًا، وفرض الله تعالى عليه خمسين صلاةً، فلمَّا رجع إلى موسى -عليه السلام- وعَلِم بذلك، قال له ارجع إلى ربِّك ليخفِّف منها، فلم يزل النبي -عليه الصلاة والسلام- يرجع إلى الله تعالى ليخفِّف منها حتى وصلت إلى خمس صلواتٍ بأجر خمسين صلاةً، ثمَّ عاد إلى مكَّة المكرَّمة، وأخبر قومه بقصة الإسراء والمعراج؛ فلم يصدّقوه برغم وصفه لبيت المقدس لهم بدقةٍ، ووصفه لقافلة قادمةٍ لهم رآها في رحلة الإسراء والمعراج، وصدّقه أبو بكر -رضي الله عنه؛ فلُقّب بالصدّيق لذلك.1

العبر المستفادة من الإسراء والمعراج

تضمّنت حادثة الإسراء والمعراج دروسًا وعبرًا عديدةً يمكن للمسلم أن يستفيد منها وينتفع بها، ومنها:

  • إنّ في حادثة الإسراء والمعراج تسليةً كبيرةً من الله -تعالى- لنبيِّه -عليه الصلاة والسلام-، وذلك بعد أن تعرَّض للرفض والطرد والأذى من قبل أهل الطائف.
  • أنّ الله تعالى يعوّض عباده خيرًا عما لقوه من أذى سوء؛ فقد عرج الله تعالى بالنبي إلى السَّماوات العُلا بعد أن طرده أهل الطائف، وحين منعته قريش من الطَّواف حول البيت الحرام، واساه ربُّه فجعله إمامًا بالأنبياء في المسجد الأقصى.7
  • تجلَّت في حادثة الإسراء والمعراج العديد من آثار ومظاهر رحمة الله تعالى بنبيِّه الكريم -صلى الله عليه وسلم-؛ حيث شاهد الرسول -صلى الله عليه وسلم- من آيات ربِّه الكُبرى ما علم بها أنَّ مآل دعوته هو النَّصر والنَّجاح؛ فرضي واطمأنَّ قلبه، وانشرح صدره، وزال ما به من همّ وغمّ، صلوات ربي وسلامه عليه.8

المراجع

  1. ^ أ ب صفي الرحمن المباركفوري، الرحيق المختوم، صفحة 124-127. بتصرّف.
  2. ^ أ ب سعد المرصفي، الجامع الصحيح للسيرة النبوية، صفحة 1551-1553. بتصرّف.
  3. “السنة التي وقعت فيها الهجرة النبوية”، إسلام ويب، 21/6/2006، اطّلع عليه بتاريخ 13/8/2024. بتصرّف.
  4. ^ أ ب ت ث أحمد أحمد غلوش، السيرة النبوية والدعوة في العهد المكي، صفحة 386-391. بتصرّف.
  5. سورة الإسراء ، آية:1
  6. “لقاء النبي صلى الله عليه وسلم بإخوانه الأنبياء في بيت المقدس بأرواحهم دون أجسادهم”، الإسلام سؤال وجواب، 9/1/2010، اطّلع عليه بتاريخ 13/8/2024. بتصرّف.
  7. صالح المغامسي ، شرح المدائح النبوية، صفحة 4. بتصرّف.
  8. محمد أبو شهبة، السيرة النبوية على ضوء القرآن والسنة، صفحة 407. بتصرّف.
شارك في هذا المقال
صورة شخصية الكاتب فراس الأحمد - متخصص في تاريخ الفكر الإسلامي
بواسطة فراس الأحمد
أنا فراس الأحمد، كاتب وباحث شغوف بدراسة الإسلام وتاريخه العريق. حصلت على درجة الماجستير في الدراسات الإسلامية من جامعة الأزهر، حيث ركزت على تاريخ الفكر الإسلامي وتأثيره على الحضارات. لدي خبرة تمتد لأكثر من عشر سنوات في الكتابة والبحث، حيث نشرت العديد من المقالات والكتب التي تناقش القضايا المعاصرة من منظور إسلامي. شغفي يكمن في توضيح الجوانب التاريخية والفكرية للإسلام، وأسعى دائمًا لتقديم محتوى يجمع بين الأصالة والمعاصرة. أهدف من خلال كتاباتي إلى بناء جسور من التفاهم بين الثقافات المختلفة، وإبراز جمال وقيم الإسلام في حياتنا اليومية.
Leave a Comment