بماذا عاقب الله قارون

شيماء الصاعدي
3 دقيقة للقراءة

جعل الله سبحانه و تعالى المال من زينة الحياة الدّنيا ، و قد حبّبه الله سبحانه إلى نفوس عباده فكان المال فتنةً لهم و تمحيصاً ، و إنّ الله سبحانه و تعالى يعطي المال لجميع خلقه برّهم و فاجرهم ، فمن أوتي مالاً وجب عليه أن يعلم أنّ هذا المال إنّما هو مستخلفٌ فيه ، فالمال مال الله سبحانه و تعالى ، و إذا أدرك الإنسان حقيقة ما استخلفه الله فيه حرص على انفاقه في وجوه الخير و الصّدقات و الطّاعات ، و تجنّب انفاقه فيما حرّم الله تعالى من وجوه الإنفاق المحرّم على المعاصي و الملذّات ، و قد بيّن النّبي صلّى الله عليه و سلّم خطورة المال و حذّر الأمّة من فتنته ، و لقد استعاذ عليه الصّلاة و السّلام من فتنة الفقر و الغنى ، و بيّن أنّ الفقراء يدخلون الجنّة قبل الأغنياء لما تحملوه من الصّعوبات و المشاق في حياتهم ، و إن كان المال فتنةً فهو نعمةً يحسد عليها المرء في حالةٍ واحدةٍ كالذي يعطيه الله مالاً فينفق منه آناء الليل و النّهار ، و كذلك لا بأس بالغنى لمن يزكّي ماله و ينفق منه دائماً في وجوه الخير ففي الحديث إنّ اليد العليا خير من اليد السّفلى ، أي أنّ اليد التي تعطي خيرٌ من اليد التي تأخذ .

و قد ضرب الله مثلاً فيمن أعطاه الله مالاً فكان وبالاً عليه و خسراناً في الدّنيا و الآخرة ، فقد كان قارون من قوم موسى عليه السّلام ، قد آتاه الله مالاً و كنوزاً وفيرةً كان يضعها في خزائن لها مفاتيح ، كلّ مفتاحٍ منها يحمله عددٌ من الرّجال لكبر حجمه و وزنه ، و قد نصحه قوم موسى و ذكّروه بالله و حذّروه من الإفساد في الأرض و البغي بغير الحقّ ، فقد استخدم قارون ماله للبطش بالنّاس و التّجبر و التّكبر على الخلق ، و لم تفلح محاولات قوم موسى في نصيحته بل و ردّ عليهم بأنّ ماله إنّما جاءه باجتهاد نفسه و علمه و مكانته عند الله بزعمه ، و في يوم من الأيام و حين خرج بكامل زينته مستعرضاً جاهه على أعين النّاس إذا بأمر الله يحلّ به فتخسف به و بداره الأرض فهو يتجلل فيها إلى يوم القيامة .

شارك في هذا المقال
أنا شيماء الصاعدي، كاتبة شغوفة بمجال الآداب، حيث أجد في الكلمات وسيلة للتعبير عن أعمق المشاعر والأفكار. حصلت على درجة البكالوريوس في الأدب العربي من جامعة القاهرة، ومنذ ذلك الحين كرست حياتي لدراسة وكتابة النصوص الأدبية التي تحاكي الروح الإنسانية. لدي خبرة تمتد لأكثر من خمس سنوات في كتابة المقالات النقدية والقصص القصيرة التي تنشر في مجلات أدبية مرموقة. أسعى دائمًا لاستكشاف الأبعاد الثقافية والتاريخية في الأدب، وأؤمن بأن الكتابة هي جسر يربط بين الحضارات والأجيال. شغفي يكمن في صياغة النصوص التي تترك أثرًا في قلوب القراء وتدفعهم للتفكير والتأمل.
Leave a Comment