سبب إهلاك قوم مدين بماذا؟ – دروس وعبر من القرآن الكريم

فراس الأحمد
5 دقيقة للقراءة

بماذا أهلك الله قوم مدين؟

وردت النّصوص الشرعيّة في القرآن الكريم والتي تُخبر عن أصناف العذاب التي أهلك الله -تعالى- بها مَدين؛وهم قوم سيدنا شعيب عليه -السلام-؛ وأوّل هذه الأصناف هي الرّجفة، التي ذُكرت في قول الله -تعالى-: (فَأَخَذَتهُمُ الرَّجفَةُ فَأَصبَحوا في دارِهِم جاثِمينَ)،1 والرّجفة هي زلزلة الأرض من تحت أقدامهم وعدم ثباتها.2

وثاني أصناف العذاب الصّيحة، والتي وردت في قول الله -تعالى-: (وَلَمّا جاءَ أَمرُنا نَجَّينا شُعَيبًا وَالَّذينَ آمَنوا مَعَهُ بِرَحمَةٍ مِنّا وَأَخَذَتِ الَّذينَ ظَلَمُوا الصَّيحَةُ فَأَصبَحوا في دِيارِهِم جاثِمينَ)،3 وهي صوت شديد العلوّ يصدر من انفجار أو زلزال كبير، وثالث أصناف العذاب الظُلّة؛ وهي السّحابة شديدة الحرارة،2 والتي عُرفت في القرآن الكريم بيوم الظلة،4 إذ أرسل الله -تعالى- على مدين الحرّ لسبعة أيّام، ولم يجدوا ما يظلّهم منه، ثمّ أرسل الله -تعالى- سحابةً يستظلّون بها، فذهب رجلٌ منهم تحتها فوجد الرّاحة، وتبعه بقية القوم، حتى إذا ما اجتمعوا تحتها اشتعلت ناراً وأصابتهم جميعهم، قال -تعالى-: (فَأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ إِنَّهُ كَانَ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ)،56 فاجتمعت هذه الأصناف الثلاثة من العذاب على قوم شعيب -عليه السّلام-، جزاءً لهم على كفرهم وأفعالهم.7

سبب هلاك قوم مدين

كان قوم مَدين لا يزِنون بالقسط ولا يوفون المكيال، وهو ما يُعرف بالتّطفيف، قال -تعالى-: (وَلا تَنقُصُوا المِكيالَ وَالميزانَ إِنّي أَراكُم بِخَيرٍ وَإِنّي أَخافُ عَلَيكُم عَذابَ يَومٍ مُحيطٍ* وَيا قَومِ أَوفُوا المِكيالَ وَالميزانَ بِالقِسطِ وَلا تَبخَسُوا النّاسَ أَشياءَهُم وَلا تَعثَوا فِي الأَرضِ مُفسِدينَ).89

إضافة إلى ما كان منهم تُجاه نبيّهم شعيب -عليه السلام- من الكفر، والإنكار، والإعراض، والتّهديد الذي بيّنه الله في قوله: (لَنُخرِجَنَّكَ يا شُعَيبُ وَالَّذينَ آمَنوا مَعَكَ مِن قَريَتِنا أَو لَتَعودُنَّ في مِلَّتِنا)،1011 وكان شعيب -عليه السّلام- يدعوهم إلى توحيد الله -تعالى-، وترك التّطفيف في المكيال والميزان، وأمرهم بإيفاء الكيل، وألّا يُنقصوا من قيمة ما يملكه الآخرون، وأخبرهم أنّ الله -تعالى- أنعم عليهم بنعم عديدة وفيرة، ومن الجحود مقابلة النّعمة بالمعصية والكفر، ثمّ أمرهم بترك الإفساد في الأرض من سّرقة، وقطع للطّريق،12 وكرّر دعوته ونُصحه لهم،13 فما كان منهم في نهاية الأمر سِوى تكذيبه بكل ما يدعوهم إليه.14

التعريف بقوم مدين

هناك العديد من المعلومات المتعلقة بقوم مدين، نُبين بعضها على الوجه الآتي:

من هم قوم مدين؟

أهل مدين هم القوم الذين أرسل الله لهم شعيب -عليه السّلام-، وقد كانوا يُعرفون بالقراءة؛ فقال فيهم الله -تعالى-: (وَمَا كُنتَ ثَاوِيًا فِي أَهْلِ مَدْيَنَ تَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَلَـكِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ)،15 والمراد بثاوياً؛ أيّ مُقيماً، والمعنى من الآية هي قراءة التلميذ على معلمه ليقوم بالتصحيح له في قراءته حين وقوع الخطأ منه،16 وهم من الأعراب، يعود أصلهم إلى بني مَدين بن مديان بن إبراهيم الخليل، أمّا نبيّهم شعيب فقد ذكر ابن منبّه أنّه ممّن آمن بإبراهيم -عليه السّلام- عندما أُحرق في النّار، ثمّ هاجر معه إلى الشّام، وتزوّج إحدى ابنتي لوط -عليه السّلام-.17

أماكن سكنى قوم مدين

سكن أهل مدين قرية في طرف الشّام ناحية الحجاز، قريبة من بحيرة قوم لوط، تقع في أرض معان،17 كان رسولهم شعيب -عليه السّلام- منهم، وأشرفهم نسباً، فاختاره الله -تعالى- ليكون رسولهم.18

المراجع

  1. سورة الأعراف ، آية:78
  2. ^ أ ب صلاح الخالدي (2007)، القرآن ونقض مطاعن الرهبان (الطبعة 1)، دمشق :دار القلم ، صفحة 490. بتصرّف.
  3. سورة هود ، آية:94
  4. مجموعة من المؤلفين (1993)، التفسير الوسيط للقرآن الكريم (الطبعة 1)، صفحة 1730، جزء 3. بتصرّف.
  5. سورة الشعراء ، آية:189
  6. سعيد حوّى (1424)، الأساس في التفسير (الطبعة 6)، القاهرة :دار السلام، صفحة 3950، جزء 7. بتصرّف.
  7. محمد الأمين الشنقيطي (1426)، العذب النمير في مجالس الشنقيطي في لتفسير (الطبعة 2)، مكة المكرمة :دار عالم الفوائد، صفحة 126، جزء 5. بتصرّف.
  8. سورة هود ، آية:84-85
  9. مجموعة من المؤلفين (1427)، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة 2)، الكويت :وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية ، صفحة 401، جزء 39. بتصرّف.
  10. سورة الأعراف ، آية:88
  11. محمد الأمين الشنقيطي (1426)، العذب النمير في مجالس الشنقيطي في التفسير (الطبعة 2)، مكة المكرمة :دار عالم الفوائد، صفحة 639، جزء 5. بتصرّف.
  12. سعيد حوّى (1424)، الأساس في التفسير (الطبعة 6)، القاهرة :دار السلام ، صفحة 2591-2592، جزء 5. بتصرّف.
  13. وهبة الزحيلي (1418)، التفسير المنير في العقيدة والشريعة والمنهج (الطبعة 2)، دمشق :دار الفكر المعاصر، صفحة 113، جزء 30. بتصرّف.
  14. وهبة الزحيلي (1418)، التفسير المنير في العقيدة والشريعة والمنهج (الطبعة 2)، دمشق :دار الفكر المعاصر، صفحة 238، جزء 20. بتصرّف.
  15. سورة القصص، آية:45
  16. محمد متولي الشعراوي ، تفسير الشعراوي ، الخواطر، صفحة 10940. بتصرّف.
  17. ^ أ ب إسماعيل بن كثير (1988)، البداية والنهاية (الطبعة 1)، بيروت :دار إحياء التراث العربي، صفحة 213. بتصرّف.
  18. سعيد حوّى (1424)، الأساس في التفسير (الطبعة 6)، القاهرة :دار السلام، صفحة 2591، جزء 5. بتصرّف.
شارك في هذا المقال
صورة شخصية الكاتب فراس الأحمد - متخصص في تاريخ الفكر الإسلامي
بواسطة فراس الأحمد
أنا فراس الأحمد، كاتب وباحث شغوف بدراسة الإسلام وتاريخه العريق. حصلت على درجة الماجستير في الدراسات الإسلامية من جامعة الأزهر، حيث ركزت على تاريخ الفكر الإسلامي وتأثيره على الحضارات. لدي خبرة تمتد لأكثر من عشر سنوات في الكتابة والبحث، حيث نشرت العديد من المقالات والكتب التي تناقش القضايا المعاصرة من منظور إسلامي. شغفي يكمن في توضيح الجوانب التاريخية والفكرية للإسلام، وأسعى دائمًا لتقديم محتوى يجمع بين الأصالة والمعاصرة. أهدف من خلال كتاباتي إلى بناء جسور من التفاهم بين الثقافات المختلفة، وإبراز جمال وقيم الإسلام في حياتنا اليومية.
Leave a Comment