الهجاء في شعر المتنبي
برز المتنبي في الهجاء وتعددت قصائده في هذا اللون الشعري ومن هذه القصائد نذكر الآتي:
كفى بك داء أن ترى الموت شافيًا
يقول المتنبي في هجاء كافور الإخشيدي حاكم مصر:1
كَفى بِكَ داءً أَن تَرى المَوتَ شافِيا
-
-
- وَحَسبُ المَنايا أَن يَكُنَّ أَمانِيا
-
تَمَنَّيتَها لَمّا تَمَنَّيتَ أَن تَرى
-
-
- صَديقاً فَأَعيا أَو عَدُوّاً مُداجِيا
-
إِذا كُنتَ تَرضى أَن تَعيشَ بِذِلَّةٍ
-
-
- فَلا تَستَعِدَّنَّ الحُسامَ اليَمانِيا
-
وَلا تَستَطيلَنَّ الرِماحَ لِغارَةٍ
-
-
- وَلا تَستَجيدَنَّ العِتاقَ المَذاكِيا
-
فَما يَنفَعُ الأُسدَ الحَياءُ مِنَ الطَوى
-
-
- وَلا تُتَّقى حَتّى تَكونَ ضَوارِيا
-
حَبَبتُكَ قَلبي قَبلَ حُبِّكَ مَن نَأى
-
-
- وَقَد كانَ غَدّاراً فَكُن أَنتَ وافِيا
-
وَأَعلَمُ أَنَّ البَينَ يُشكيكَ بَعدَهُ
-
-
- فَلَستَ فُؤادي إِن رَأَيتُكَ شاكِيا
-
فَإِنَّ دُموعَ العَينِ غُدرٌ بِرَبِّها
-
- إِذا كُنَّ إِثرَ الغادِرينَ جَوارِيا
إِذا الجودُ لَم يُرزَق خَلاصاً مِنَ الأَذى
-
-
- فَلا الحَمدُ مَكسوباً وَلا المالُ باقِيا
-
وَلِلنَفسِ أَخلاقٌ تَدُلُّ عَلى الفَتى
-
-
- أَكانَ سَخاءً ما أَتى أَم تَساخِيا
-
أَقِلَّ اِشتِياقاً أَيُّها القَلبُ رُبَّما
-
-
- رَأَيتُكَ تُصفي الوُدَّ مَن لَيسَ جازِيا
-
خُلِقتُ أَلوفاً لَو رَحَلتُ إِلى الصِبا
-
-
- لَفارَقتُ شَيبي موجَعَ القَلبِ باكِيا
-
وَلَكِنَّ بِالفُسطاطِ بَحراً أَزَرتُهُ
-
-
- حَياتي وَنُصحي وَالهَوى وَالقَوافِيا
-
وَجُرداً مَدَدنا بَينَ آذانِها القَنا
-
-
- فَبِتنَ خِفافاً يَتَّبِعنَ العَوالِيا
-
تَماشى بِأَيدٍ كُلَّما وافَتِ الصَفا
-
-
- نَقَشنَ بِهِ صَدرَ البُزاةِ حَوافِيا
-
وَتَنظُرُ مِن سودٍ صَوادِقَ في الدُجى
-
-
- يَرَينَ بَعيداتِ الشُخوصِ كَما هِيَ
-
وَتَنصِبُ لِلجَرسِ الخَفيِّ سَوامِعاً
-
-
- يَخَلنَ مُناجاةَ الضَميرِ تَنادِيا
-
تُجاذِبُ فُرسانَ الصَباحِ أَعِنَّةً
-
-
- كَأَنَّ عَلى الأَعناقِ مِنها أَفاعِيا
-
قصيدة عذيري من عذارى الأمور
يقول المتنبي في هجاء ابن كروس:2
عَذيري مِن عَذارى مِن أُمورِ
-
-
- سَكَنَّ جَوانِحي بَدَلَ الخُدورِ
-
وَمُبتَسِماتِ هَيجاواتِ عَصرٍ
-
-
- عَنِ الأَسيافِ لَيسَ عَنِ الثُغورِ
-
رَكِبتُ مُشَمِّراً قَدَمي إِلَيها
-
-
- وَكُلَّ عُذافِرٍ قَلِقِ الضُفورِ
-
أَواناً في بُيوتِ البَدوِ رَحلي
-
-
- وَآوِنَةً عَلى قَتَدِ البَعيرِ
-
أُعَرِّضُ لِلرِماحِ الصُمِّ نَحري
-
-
- وَأَنصِبُ حُرَّ وَجهي لِلهَجيرِ
-
وَأَسري في ظَلامِ اللَيلِ وَحدي
-
-
- كَأَنّي مِنهُ في قَمَرٍ مُنيرِ
-
فَقُل في حاجَةٍ لَم أَقضِ مِنها
-
-
- عَلى شَغَفي بِها شَروى نَقيرِ
-
وَنَفسٍ لا تُجيبُ إِلى خَسيسِ
-
-
- وَعَينٍ لا تُدارُ عَلى نَظيرِ
-
وَكَفٍّ لا تُنازِعُ مَن أَتاني
-
-
- يُنازِعُني سِوى شَرَفي وَخَيري
-
وَقِلَّةِ ناصِرٍ جوزيتَ عَنّي
-
-
- بِشَرٍّ مِنكَ يا شَرَّ الدُهورِ
-
عَدُوّي كُلُّ شَيءٍ فيكَ حَتّى
-
-
- لَخِلتُ الأُكمَ موغَرَةَ الصُدورِ
-
فَلَو أَنّي حُسِدتُ عَلى نَفيسٍ
-
-
- لَجُدتَ بِهِ لِذي الجَدِّ العَثورِ
-
وَلَكِنّي حُسِدتُ عَلى حَياتي
-
-
- وَما خَيرُ الحَياةِ بِلا سُرورِ.
-
قصيدة أماتكم من قبل موتكم الجهل
يقول في هذه القصيدة:3
أَماتَكُمُ مِن قَبلِ مَوتِكُمُ الجَهلُ
-
-
- وَجَرَّكُمُ مِن خِفَّةٍ بِكُمُ النَملُ
-
وُلَيدَ أُبَيِّ الطَيِّبِ الكَلبِ ما لَكُم
-
-
- فَطِنتُم إِلى الدَعوى وَمالَكُمُ عَقلُ
-
وَلَو ضَرَبَتكُم مَنجَنِيقي وَأَصلُكُم
-
-
- قَوِيٌّ لَهَدَّتكُم فَكَيفَ وَلا أَصلُ
-
وَلَو كُنتُمُ مِمَّن يُدَبِّرُ أَمرَهُ
-
-
- لَما كُنتُمُ نَسلَ الَّذي ما لَهُ نَسلُ.
-
المراجع
- المتنبي، “كفى بك داء أن ترى الموت شافيا”، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 9/5/2022.
- المتنبي، “عَذيري مِن عَذارى مِن أُمورِ”، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 9/5/2022.
- المتنبي، “أَماتَكُمُ مِن قَبلِ مَوتِكُمُ الجَهلُ”، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 9/5/2022.