قصيدة الرأي قبل شجاعة الشجعان
يقول المتنبي في هذه القصيدة: 1
الرّأيُ قَبلَ شَجاعةِ الشّجْعانِ
-
-
- هُوَ أوّلٌ وَهيَ المَحَلُّ الثّاني
-
فإذا همَا اجْتَمَعَا لنَفْسٍ حُرّةٍ
-
-
- بَلَغَتْ مِنَ العَلْياءِ كلّ مكانِ
-
وَلَرُبّما طَعَنَ الفَتى أقْرَانَهُ
-
-
- بالرّأيِ قَبْلَ تَطَاعُنِ الأقرانِ
-
لَوْلا العُقولُ لكانَ أدنَى ضَيغَمٍ
-
-
- أدنَى إلى شَرَفٍ مِنَ الإنْسَانِ
-
وَلما تَفَاضَلَتِ النّفُوسُ وَدَبّرَتْ
-
-
- أيدي الكُماةِ عَوَاليَ المُرّانِ
-
لَوْلا سَميُّ سُيُوفِهِ وَمَضَاؤهُ
-
-
- لمّا سُلِلْنَ لَكُنّ كالأجْفانِ
-
خاضَ الحِمَامَ بهنّ حتى ما دُرَى؟
-
-
- أمِنِ احتِقارٍ ذاكَ أمْ نِسْيَانِ
-
وَسَعَى فَقَصّرَ عن مَداهُ في العُلى
-
-
- أهْلُ الزّمانِ وَأهْلُ كلّ زَمَانِ
-
تَخِذُوا المَجالِسَ في البُيُوتِ وَعندَه
-
-
- أنّ السّرُوجَ مَجالِسُ الفِتيانِ
-
وَتَوَهّموا اللعِبَ الوَغى والطعنُ في الـ
-
-
- ـهَيجاءِ غَيرُ الطّعْنِ في الميدانِ
-
قادَ الجِيَادَ إلى الطّعانِ وَلم يَقُدْ
-
-
- إلاّ إلى العاداتِ وَالأوْطانِ
-
كُلَّ ابنِ سَابقَةٍ يُغيرُ بحُسْنِهِ
-
-
- في قَلْبِ صاحِبِهِ عَلى الأحزانِ
-
إنْ خُلِّيَتْ رُبِطَتْ بآدابِ الوَغَى
-
-
- فدُعاؤها يُغني عنِ الأرْسانِ
-
في جَحْفَلٍ سَتَرَ العُيُونَ غبارُهُ
-
-
- فكأنّمَا يُبْصِرْنَ بالآذانِ
-
يَرْمي بهَا البَلَدَ البَعيدَ مُظَفَّرٌ
-
-
- كُلُّ البَعيدِ لَهُ قَرِيبٌ دانِ
-
فكأنّ أرْجُلَهَا بتُرْبَةِ مَنْبِجٍ
-
-
- يَطرَحنَ أيديَها بحِصْنِ الرّانِ
-
حتى عَبرْنَ بأرْسَنَاسَ سَوَابحاً
-
-
- يَنْشُرْنَ فيهِ عَمَائِمَ الفُرْسانِ
-
يَقْمُصْنَ في مثلِ المُدَى من بارِدٍ
-
-
- يَذَرُ الفُحُولَ وَهنّ كالخصْيانِ
-
وَالماءُ بَينَ عَجاجَتَينِ مُخَلِّصٌ
-
-
- تَتَفَرّقانِ بِهِ وَتَلْتَقِيَانِ
-
رَكَضَ الأميرُ وَكاللُّجَينِ حَبَابُهُ
-
-
- وَثَنى الأعِنّةَ وَهْوَ كالعِقيانِ
-
فَتَلَ الحِبالَ مِنَ الغَدائِرِ فوْقَهُ
-
-
- وَبَنى السّفينَ لَهُ منَ الصّلْبانِ
-
وَحَشاهُ عادِيَةً بغَيرِ قَوَائِمٍ
-
-
- عُقُمَ البطونِ حَوَالِكَ الألوَانِ
-
تأتي بما سَبَتِ الخُيُولُ كأنّهَا
-
-
- تحتَ الحِسانِ مَرَابضُ الغِزْلانِ
-
بَحْرٌ تَعَوّدَ أنْ يُذِمّ لأهْلِهِ
-
-
- من دَهْرِهِ وَطَوَارِقِ الحِدْثَانِ
-
فتَرَكْتَهُ وَإذا أذَمّ مِنَ الوَرَى
-
-
- رَاعَاكَ وَاستَثنى بَني حَمدانِ
-
ألمُخْفِرِينَ بكُلّ أبيَضَ صَارِمٍ
-
-
- ذِممَ الدّرُوعِ على ذوي التّيجانِ
-
مُتَصَعْلِكينَ على كَثَافَةِ مُلكِهم
-
-
- مُتَوَاضِعِينَ على عَظيمِ الشّانِ
-
يَتَقَيّلُونَ ظِلالَ كُلّ مُطَهَّمٍ
-
-
- أجَلِ الظّليمِ وَرِبْقَةِ السِّرْحانِ
-
خَضَعتْ لمُنصُلكَ المَناصِلُ عَنوَةً
-
-
- وَأذَلّ دِينُكَ سَائِرَ الأدْيانِ
-
وَعلى الدّروبِ وَفي الرّجوعِ غضَاضَةٌ
-
-
- وَالسّيرُ مُمْتَنِعٌ مِنَ الإمْكانِ
-
وَالطّرْقُ ضَيّقَةُ المَسَالِكِ بالقَنَا
-
-
- وَالكُفْرُ مُجتَمعٌ على الإيمَانِ
-
نَظَرُوا إلى زُبَرِ الحَديدِ كأنّمَا
-
-
- يَصْعَدْنَ بَينَ مَناكِبِ العِقْبانِ
-
وَفَوَارِسٍ يُحيي الحِمامُ نُفوسَها
-
-
- فكأنّهَا لَيستْ مِنَ الحَيَوَانِ
-
مَا زِلتَ تَضرِبهُم دِرَاكاً في الذُّرَى
-
-
- ضَرْباً كأنّ السّيفَ فيهِ اثْنانِ
-
خصّ الجَماجمَ وَالوُجوهَ كأنّمَا
-
-
- جاءتْ إليكَ جُسُومُهمْ بأمانِ
-
فرَمَوْا بما يَرْمونَ عَنْهُ وَأدْبَرُوا
-
-
- يَطَأونَ كُلّ حَنِيّةٍ مِرْنَانِ
-
يَغشاهُمُ مَطَرُ السّحاب مُفَصَّلاً
-
-
- بمُهَنّدٍ وَمُثَقَّفٍ وَسِنَانِ
-
حُرِموا الذي أمَلُوا وَأدرَكَ منهُمُ
-
-
- آمَالَهُ مَنْ عادَ بالحِرْمانِ
-
وَإذا الرّماحُ شَغَلنَ مُهجَةَ ثائِرٍ
-
-
- شَغَلَتْهُ مُهْجَتُهُ عَنِ الإخْوَانِ
-
هَيهاتِ عاقَ عنِ العِوادِ قَوَاضِبٌ
-
-
- كَثُرَ القَتيلُ بها وَقَلّ العَاني
-
وَمُهَذَّبٌ أمَرَ المَنَايَا فِيهِمِ
-
-
- فأطَعْنَهُ في طاعَةِ الرّحْمانِ
-
قد سَوّدتْ شجرَ الجبالِ شُعُورُهم
-
-
- فكأنّ فيهِ مُسِفّةَ الغِرْبانِ
-
وَجَرَى على الوَرَقِ النّجيعُ القَاني
-
-
- فكأنّهُ النّارَنْجُ في الأغصانِ
-
إنّ السّيُوفَ معَ الذينَ قُلُوبُهُمْ
-
-
- كقُلُوبهنّ إذا التَقَى الجَمعانِ
-
تَلْقَى الحُسامَ على جَرَاءَةِ حدّهِ
-
-
- مثلَ الجَبانِ بكَفّ كلّ جَبَانِ
-
رَفعتْ بكَ العرَبُ العِمادَ وَصَيّرَتْ
-
-
- قِمَمَ المُلُوكِ مَوَاقِدَ النّيرانِ
-
أنسابُ فَخرِهِمِ إلَيْكَ وَإنّمَا
-
-
- أنْسَابُ أصْلِهِمِ إلى عَدْنَانِ
-
يا مَنْ يُقَتِّلُ مَنْ أرَادَ بسَيْفِهِ
-
-
- أصْبَحتُ منْ قَتلاكَ بالإحْسانِ
-
فَإِذا رَأَيتُكَ حارَ دونَكَ ناظِري
-
-
- وَإِذا مَدَحتُكَ حارَ فيكَ لِساني
-
المراجع
- “الرأي قبل شجاعة الشجعان “، الديوان ، اطّلع عليه بتاريخ 3/5/2022.