معركة الفتح الأولى: المسلمون يواجهون الروم

غزوة مؤتة أول معركة بين المسملين والروم

وقع أوّل قتالٍ فعليٍّ بين المسلمين والروم في غزوة مؤتة، في السنة الثامنة للهجرة، في شهر جمادى الأولى، وكان تعداد جيش المسملين فيها ثلاثة آلافٍ مُقاتلٍ، وكان عدد جيش الرومان مئة ألفٍ مُقاتلٍ، انضم إليهم بعد ذلك مئة ألفٍ آخرين من قبائل مجاورةٍ لهم.¹

غزوة مؤتة

كان النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- قد ابتعث الحارث بن عُمير الأزديّ رسولاً إلى ملك بُصرى ليبلّغه دعوة الإسلام ويدعوه إليه، لكنّ شرحبيلُ بن عمرو الغسانيّ قطع طريق الرسول، وقابله بكثير من الاستهتار والاستهزاء حتى قتله، فلمّا بلغ النبيّ -عليه السلام- خبر مقتل رسوله اشتدّ عليه ذلك كثيراً، وغضب غضباً كبيراً، استنفر فيه المسلمين، وأخبرهم برغبته في قتال الرومان بسبب ذلك، وذلك ما كان، فجهّز النبيّ -عليه السلام- الجيش، وولّى عليه ثلاثةً من الصحابة يمسكون زمام الراية تِباعاً، فأوّلهم زيد بن حارثة، فإن قُتل فجعفر بن أبي طالب، فإن قتل فعبد الله بن رواحة.²

وصول جيش المسلمين وبدء القتال

وصل جيش المسلمين منطقة معان، ووصل كذلك جيش الروم المجهّز بمئة ألفٍ مُقاتلٍ مع انضمام مئة ألفٍ أخرى إليهم، وحينئذٍ مكث المسلمون فترةً من التفكير والتشاور في الأمر، لكنّ الصحابة لم يرغبوا بالعودة دون أيّ إنجازٍ، فرغبوا في بدء القتال على أيّ حالٍ، واستشهد القادة الثلاثة في المعركة، ولم يجد المسلمون من يحمل الراية بعدهم، حتى رفعها خالد بن الوليد.²

خطّة خالد في المعركة

قاتل خالد مع الجيش بعد حمله للراية يوماً كاملاً، وقد تكسّرت في يده تسعة سيوفٍ، لكنّه أيقن ألّا مجال لتحقيق نصرٍ واضحٍ أمام هذا العدد من الرومان، فأعدّ عُدّةً للانسحاب من أمامهم دون أن يدع فرصةً للحاقهم بهم، فأعاد ترتيب الجيش مرّةً أخرى، وجعل الخيل تتحرّك طوال الليل ليظنّ المشركون أنّ المسلمين قد وصلهم مددٌ جديدٌ، فما إن أصبح الصباح حتى كانت معنويات الرومان هابطةً تماماً؛ خوفاً من المدد الذي ظنوا أنّه قد أتاهم، وحينئذٍ أمر خالد الجيش بالانسحاب التدريجيّ، ولم يجرؤ أحدٌ من الرومان باللحاق بهم ؛خوفاً أن يكون ذلك استدراجاً من المسلمين لمنطقةٍ أخرى للقتال.³