أفضل قصائد محمود درويش: تحف فنية تتألق في عالم الأدب” يمكن تحسينه إلى “أبرز قصائد

شيماء الصاعدي
4 دقيقة للقراءة

رسالة من المنفى

قد صرت في العشرين

وصرت كالشباب يا أماه

و قال صاحبي : “هل عندكم رغيف؟

يا إخوتي ؛ ما قيمة الإنسان

إن نام كل ليلة … جوعان؟

أنا بخير

أنا بخير

عندي رغيف أسمر

و سلة صغيرة من الخضار

سمعت في المذياع

قال الجميع : كلنا بخير

لا أحد حزين؛

فكيف حال والدي

ألم يزل كعهده، يحب ذكر الله

والأبناء .. والتراب .. والزيتون؟

وكيف حال إخوتي

هل أصبحوا موظفين؟

سمعت يوما والدي يقول:

سيصبحون كلهم معلمين…

سمعته يقول

أجوع حتى أشتري لهم كتاب

لا أحد في قريتي يفك حرفاً في خطاب

وكيف حال أختنا

هل كبرت .. وجاءها خطّاب؟

وكيف حال جدّتي

ألم تزل كعهدها تقعد عند الباب؟

تدعو لنا

بالخير … والشباب … والثواب!

وكيف حال بيتنا

والعتبة الملساء … والوجاق … والأبواب !

سمعت في المذياع

رسائل المشردين … للمشردين

جميعهم بخير!

لكنني حزين …

تكاد أن تأكلني الظنون

لم يحمل المذياع عنكم خبراً…

ولو حزين

ولو حزين

أجمل حب

كما ينبت العشب بين مفاصل صخرة

وُجدنا غريبين يوماً

وكانت سماء الربيع تؤلف نجماً … ونجماً

وكنت أؤلف فقرة حب..

لعينيك.. غنيتها!

أتعلم عيناك أني انتظرت طويلاً

كما انتظر الصيف طائر

ونمت.. كنوم المهاجر

فعين تنام لتصحو عين.. طويلاً

وتبكي على أختها،

حبيبان نحن، إلى أن ينام القمر

نعلم أن الصباح ينادي خطاي لكي تستمرّ

على الدرب يوماً جديداً!

صديقان نحن، فسيري بقربي كفاً بكف

معا نصنع الخبر والأغنيات

لماذا نسائل هذا الطريق .. لأي مصير

يسير بنا؟

ومن أين لملم أقدامنا؟

فحسبي، وحسبك أنا نسير…

معاً، للأبد

لماذا نفتش عن أغنيات البكاء

بديوان شعر قديم؟

ونسأل يا حبنا! هل تدوم ؟

أحبك حب القوافل واحة عشب وماء

وحب الفقير الرغيف!

كما ينبت العشب بين مفاصل صخرة

وجدنا غريبين يوماً

ونبقى رفيقين دوماً

وعاد في كفن

يحكون في بلادنا

يحكون في شجن

عن صاحبي الذي مضى

وعاد في كفن

كان اسمه…

لا تذكروا اسمه!

خلوه في قلوبنا…

لا تدعوا الكلمة

تضيع في الهواء، كالرماد…

خلوه جرحاً راعفاً… لا يعرف الضماد

طريقه إليه…

أخاف يا أحبتي… أخاف يا أيتام …

أخاف أن ننساه بين زحمة الأسماء

أخاف أن يذوب في زوابع الشتاء!

أخاف أن تنام في قلوبنا

جراحنا …

أخاف أن تنام !!

العمر… عمر برعم لا يذكر المطر…

لم يبكِ تحت شرفة القمر

لم يوقف الساعات بالسهر…

وما تداعت عند حائط يداه …

لم يعرف الغزل

غير أغاني مطرب ضيعه الأمل

كان الفتى صغيراً …

فغاب عن طريقها

ولم يفكر بالهوى كثيراً …!

إلى أمي

أحنّ إلى خبز أمي

وقهوة أمي

ولمسة أمي

وتكبر في الطفولة

يوماً على صدر يوم

وأعشق عمري لأني

إذا متّ،

أخجل من دمع أمي!

خذيني، إذا عدت يوماّ

وشاحاّ لهدبك

وغطّي عظامي بعشب

تعمّد من طهر كعبك

وشدّي وثاقي..

بخصلة شعر

بخيط يلوّح في ذيل ثوبك..

عساي أصير إلها

إلها أصير..

إذا ما لمست قرارة قلبك!

ضعيني، إذا ما رجعت

وقوداً بتنور نارك..

وحبل غسيل على سطح دارك

لأني فقدت الوقوف

بدون صلاة نهارك

هرمت، فردّي نجوم الطفولة

حتى أشارك

صغار العصافير

درب الرجوع…

لعشّ انتظارك!

شارك في هذا المقال
أنا شيماء الصاعدي، كاتبة شغوفة بمجال الآداب، حيث أجد في الكلمات وسيلة للتعبير عن أعمق المشاعر والأفكار. حصلت على درجة البكالوريوس في الأدب العربي من جامعة القاهرة، ومنذ ذلك الحين كرست حياتي لدراسة وكتابة النصوص الأدبية التي تحاكي الروح الإنسانية. لدي خبرة تمتد لأكثر من خمس سنوات في كتابة المقالات النقدية والقصص القصيرة التي تنشر في مجلات أدبية مرموقة. أسعى دائمًا لاستكشاف الأبعاد الثقافية والتاريخية في الأدب، وأؤمن بأن الكتابة هي جسر يربط بين الحضارات والأجيال. شغفي يكمن في صياغة النصوص التي تترك أثرًا في قلوب القراء وتدفعهم للتفكير والتأمل.
Leave a Comment