قصة حياة الشاعر العربي أبو نواس وإرثه الأدبي

MohamedTair
6 دقيقة للقراءة

من هو أبو نواس؟

اسمه ونسبه

هو الحسنُ بنُ هانئ الحكمي، وشهرته أبو نواس، وهو أحدُ أهمّ شعراءِ العصرِ العباسيّ الأوّل، وُلِد في الأهوازِ في إيران، وتحديدًا في باستان ماترد، وهي تتبع خوزستان، وهو إقليمٌ يقعُ في جِهة الغربِ من إيران على حدودِ العراقِ،1 وقيل إنّ والدِه كان من أصلٍ عربيّ دمشقيّ، وأمِّه فارسيّةِ، ونقلت روايات أُخرى أنّه فارسي الأصل، وأنّ أباه كان مولى فارسيًا من موالي الجراح بن عبد الله الحكمي.23

ولادة أبي نواس ونشأته

لم تتّفق المصادر التاريخيّة على تاريخِ ولادة أبي نواس؛ حيث ذكرت بعضُ المصادرِ أنّه وُلِد في عام مئةٍ وواحدٍ وأربعين للهجرة، كما ذكرَ بعضُها أنّه وُلِد عام مئةٍ وخمسةٍ وأربعين للهجرة، وقيل إنّه ولد عام مئةٍ وتسعة وثلاثين للهجرة، وأمّا نشأتُه فكانت في البصرةِ حيثُ انتقلَ إليها، وشبَّ فيها، ومن ثمّ تُوفِّيَ والدُه، وأرسلته أمُّه إلى عطّارٍ في أسواقِ البصرة؛ ليعملَ عندَه، ومن هناك انطلقَ إلى مجالسِ العلم والأدبِ.12

نبذة عن حياة أبو نواس

حياة أبي نواس العلمية

بدأ أبو نواس بمجالسةِ أهلِ العِلم جنبًا إلى جنب مع عملِه في البصرة، وكان من العلماء الذين تردّدَ على مجالسِهم الراويةُ عمرو بن العلاء، والذي تعلّم منه اللُّغةَ، وأصنافًا أخرى من العلمِ كأخبار العرب وأنسابهم، ومن ثمّ بدأ بمخالطةِ المُجّان في ذلك العصرِ، مثل: والبةَ بن الحباب، وخلف الأحمر، ومطيع بن إياس، فسار على نهجِهم في التهتُّك، والمُجونِ، كما أنّه درسَ عنهم التُّراثَ العربيَّ، والفارسيَّ، وقِيلَ إنّه درسَ في البصرة القرآنَ، والحديثَ، وإنّه قضى ما يقاربُ السنةَ في الصحراءِ يتعلّمُ من البدوِ قواعدَ اللُّغة الصحيحةِ.13

أمّا عن معرفةِ أبي نواس للوالبة بن الحباب، فقد نشأت عندما مرَّ الوالبةُ بمحلِّ العطارةِ الذي كان يعملُ فيه أبو نوّاس في البصرة، وعندما رأى في ملامحه الفِطنة، والذكاء، سأل عن اسمِه، وتعرَّف إليه، واصطحبَه معه إلى الكوفةِ، ومنها إلى بغدادَ، وقد فرِحَ أبو نوّاس بصحبَة الوالبة بنِ الحباب؛ لِما علِمَ عنه من شُهرةٍ في نَظمِ الشِّعر، وقال إنّ أحلامه، وما تصبو إليه نفسُه قد بدأ يتحقَّقُ بمعرفته للوالبة.1

علاقة أبو نواس بالخلفاء

لما وصلَ أبو نوّاس إلى بغدادَ، بدأ يختلِطُ بالبرامكة، وبآلِ الربيع، وبدأَ بمَدحِ هارون الرشيد، إلّا أنّه لم يلبَث إلّا أن زجّ به الرشيدُ في السجن؛ لأنّه هجا قريش، وكان خلالَ إقامتِه مع هارون الرشيد قد تعلَّق ببعضٍ من جواري القصرِ الجميلات اللواتي كانت له معهنَّ قصصٌ كثيرةٌ، وأشهرها مع جاريةٍ اسمُها جنان، كما كانت له طرائفُ عدّة مع الخليفةِ الرشيدِ نفسِه، ومع زوجتِه، وابنهما الأمين، وعلى الرغم من ذلك، إلّا أنّ الشاعر لم يُحقِّق نجاحاً كبيراً في بلاطِ هارون الرشيد، حيث إنّه بعد أن سجنَه انتقلَ إلى مصرَ، ولازمَ واليها الخصيبَ، ومدحَه، ولكنه لم يلبث عندَه فترةً طويلةً؛ إذ هجرَه، وهجاه أيضاً، وعادَ إلى بغدادَ التي كان يشتاقُ إلى مجالسِها، وحياةِ المجونِ فيها.14

وفي عهدِ الأمينِ بنِ هارون الرشيد رجعَ أبو نوّاس إليه؛ ليلازمَه، وينظمَ الشِّعرَ له، إلّا أنّ هذه العلاقةَ لم تدُم طويلاً؛ حيثُ سجنَه الأمينُ فترةً من الزمنِ؛ بسببِ خلافٍ شَبّ بينَه وبينَ المأمونِ.13

الشاعر أبو نواس

خصائص شعر أبي نواس

يُعتبر أبو نواس من أبرز شعراء العصر العباسي، وقد امتاز شعره بألفاظِه الجديدةِ، والتي كانت تُظهِر روحَ الدُّعابةِ، والطرافةِ، علاوةً على الرقّةِ، والجمالِ، وكان في شِعرِه يُظهِرُ المجونَ، كما كان يُظهِر ما كانت عليه حالُ بيئتِه من استهتارٍ في فعلِ المعاصي، ويمكنُ القولُ إنّ شعرَه بيَّن النظرةَ الساخرةَ له، وعكسَ حياتَه التي أمضاها في سعي خلفَ المتعةِ.13

أبو نواس والخمر

كان أبو نواس شاربًا للخمر متعلّقًا بها، حتى أنّه كان يكتب فيها الشعر، وممّا كتبه فيها:

ألا فاسقني خمرًا وقل لي هى الخمر

ولا تسقني سرّا إذا أمكن الجهر

وقد عزا بعض الأدباء والنقّاد رداءة بعض شعر أبي نواس؛ لأنّه كان يقولها وهو في حالة سُكرٍ، إلا أنّ أبا نواس أقلع عن شرب الخمر وترك شربها، وتاب عن المجون كما نُقل عنه.13

متى توفي أبو نواس؟

تعدّدت أقوال المؤرخين في وفاة أبي نوّاس؛ فقيل إنّه توفي سنةَ مئة وتسع وتسعين للهجرة عن عُمرٍ يناهزُ أربعةً وخمسين عامًا وقيل ثمانية وخمسين عامًا، وقيل إنّه توفي سنة مئة وست وتسعين للهجرة، وقد كانت وفاتُه في بغداد، والجديرُ بالذكر أنّه في السنةِ الأخيرةِ من حياتِه تابَ إلى الله -سبحانه وتعالى-، وتوقّف عن المعاصي، وقد أظهرَ توبتَه عن اللهو، والمعاصي في شِعرِه، ومنه ما قال:12

دبَّ فيَ السِّقام سُفلاً وعُلـوّا

وأراني أموتُ عُضواً فعُضوا

لهف نفسي على ليالٍ وأيا

م تــجـاوزتــهنَّ لـعْبـاً ولـهوا

وأسأنا كلّ الإساءةِ إلى ربِّنا

صفــحاً عنّـا إلــهي وعَفـوا

المراجع

  1. ^ أ ب ت ث ج ح خ د ذ سالم شمس الدين (2010م)، أبو نواس في نوادره وبعض قصائده (الطبعة الأولى)، بيروت: المكتبة العصرية، صفحة 8. بتصرّف.
  2. ^ أ ب ت الذهبي، سير أعلام النبلاء، صفحة 279-281. بتصرّف.
  3. ^ أ ب ت ث ج شوقي ضيف، تاريخ الأدب العربي، صفحة 220-237. بتصرّف.
  4. “Abū Nuwās”, britannica, Retrieved 13/6/2024. Edited.
شارك في هذا المقال
Leave a Comment