كيفية استفادة المسلمين من حديث ‘ألا أنبئكم بأكبر الكبائر’؟

فراس الأحمد
5 دقيقة للقراءة

الدروس المستفادة من الحديث (ألا أنبئكم بأكبر الكبائر)

من الدروس المستفادة من هذا الحديث ما يأتي:

  • التَّحذير من الإشراك بالله

وأنَّه من أكبر الكبائر، لذلك جاء في مقدمتها.

  • التَّحذير من عقوق الوالدين

وأنه سببٌ من أسباب الخسارة في الدُّنيا والآخرة.

  • التَّحذير من شهادة الزُّور

في الأقوال، والأفعال، والشَّهادات، وعدم التَّساهل به.

نص حديث (ألا أنبئكم بأكبر الكبائر)

هذا الحديث رواه البخاري في صحيحه؛ من حديث أبي بكرة نُفَيْع بن الحَّارث -رضي الله عنه-، قال: قال رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم-: (أَلا أُخْبِرُكُمْ بأَكْبَرِ الكَبائِرِ؟ قالوا: بَلَى يا رَسولَ اللَّهِ، قالَ: الإشْراكُ باللَّهِ، وعُقُوقُ الوالِدَيْنِ. وفي رواية: وكانَ مُتَّكِئًا فَجَلَسَ، فقالَ: ألَا وقَوْلُ الزُّورِ، فَما زالَ يُكَرِّرُها حتَّى قُلْنا: لَيْتَهُ سَكَتَ).1

شرح حديث (ألا أنبئكم بأكبر الكبائر)

يحذِّر النبي -صلى الله عليه وسلم- في هذا الحديث من مجموعة من الذُّنوب العظيمة؛ والتي توجب لصاحبها الخسارة في الدنيا، والعذاب في الآخرة، ووصفها النبي -صلى الله عليه وسلم- بأكبر الكبائر للدَّلالة على خطرها، ولأنَّها سببٌ من أسباب هلاك فاعلها.2

واستفتح النبي -صلى الله عليه وسلم- كلامه بسؤاله أصحابه: (أَلا أُنَبِّئُكُمْ بأَكْبَرِ الكَبائِرِ؟)، وهذا الاستفتاح فيه تنبيه للمخاطب ليقبل على الانتباه والسَّماع،2 وقد اشتمل الحديث على ثلاثٍ من الكبائر، وهي:

الإشراك بالله

كان في مقدمة هذه الكبائر الإشراك بالله -تعالى-، كيف لا؟ وهو أعظم الظلم، وأكبر الجرم، وكان التحذير منه من أولى وصايا لقمان لابنه، قال -تعالى-: (وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ).34

وهو الذَّنب الَّذي لا يُغفر إن بقي العبد، قال -تعالى-: (إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَاءُ)،5 وقد توعد الله -تعالى- مَنْ يُشرك به بالحرمان من الجنَّة، ودخول النَّار، قال -تعالى-: (إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ).64

عقوق الوالدين

ثاني هذه الكبائر عقوق الوالدين، وقد وصَّى الله -تعالى- في كتابه ببر الوالدين، وقرن الإحسان إليها بعبادته، قال -تعالى-: (وَقَضى رَبُّكَ أَلّا تَعبُدوا إِلّا إِيّاهُ وَبِالوالِدَينِ إِحسانًا إِمّا يَبلُغَنَّ عِندَكَ الكِبَرَ أَحَدُهُما أَو كِلاهُما فَلا تَقُل لَهُما أُفٍّ وَلا تَنهَرهُما وَقُل لَهُما قَولًا كَريمًا).7

وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (رَغِمَ أنْفُ، ثُمَّ رَغِمَ أنْفُ، ثُمَّ رَغِمَ أنْفُ، قيلَ: مَنْ؟ يا رَسولَ اللهِ، قالَ: مَن أدْرَكَ أبَوَيْهِ عِنْدَ الكِبَرِ، أحَدَهُما، أوْ كِلَيْهِما فَلَمْ يَدْخُلِ الجَنَّةَ)،8لذلك كان العقوق من أكبر الكبائر.9

شهادة الزور

قرن الله -تعالى- قول الزُّور بالإشراك به، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (عدلَت شَهادةُ الزُّورِ بالإشراكِ باللَّهِ) قالَها مرَّتين أو ثلاثًا، وقرأ قوله -تعالى- (وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ* حُنَفَاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ)،1011وقد امتدح الله عباده الصادقين؛ فقال عن صفات عباد الرحمن أنَّهم: (لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا)،12 والزُّور: هو البَّاطل، ويشمل الكذب في الأقوال، والأفعال، والشَّهادات، وغيرها.13

وحذَّر النبي -صلى الله عليه وسلم- في الحديث السَّابق من شهادة الزُّور، وكان متكئًا فاعتدل في جلسته؛ لأهمية ما سيحذِّر منه، فقال: (ألَا وقَوْلُ الزُّورِ)، وظلَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- يكررها حتى قال الصَّحابة في أنفسهم: ليْتَهُ سَكَتَ، لِما حصل في أنفسهم من الخوف، وكرَّر النبي -صلى الله عليه وسلم- التَّحذير من شهادة الزُّور للدَّلالة على قبحها، وعظيم خطرها، وأنَّ بعض النَّاس قد يتساهل بها.13

المراجع

  1. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي بكرة نفيع بن الحارث، الصفحة أو الرقم:6273، صحيح.
  2. ^ أ ب موسى شاهين لاشين، كتاب المنهل الحديث في شرح الحديث، صفحة 43-45. بتصرّف.
  3. سورة لقمان، آية:13
  4. ^ أ ب حسن أبو الأشبال الزهيري، كتاب شرح صحيح مسلم، صفحة 18. بتصرّف.
  5. سورة النساء، آية:48
  6. سورة المائدة، آية:72
  7. سورة الإسراء، آية:23
  8. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:2551، صحيح.
  9. أحمد حطيبة، كتاب شرح رياض الصالحين، صفحة 8. بتصرّف.
  10. سورة الحج، آية:30-31
  11. رواه أبو داود، في سنن أبي داود، عن خريم بن فاتك، الصفحة أو الرقم:3599، سكت عنه فهو صالح.
  12. سورة الفرقان، آية:72
  13. ^ أ ب عبد المحسن العباد، كتاب شرح سنن أبي داود للعباد، صفحة 11. بتصرّف.
شارك في هذا المقال
صورة شخصية الكاتب فراس الأحمد - متخصص في تاريخ الفكر الإسلامي
بواسطة فراس الأحمد
أنا فراس الأحمد، كاتب وباحث شغوف بدراسة الإسلام وتاريخه العريق. حصلت على درجة الماجستير في الدراسات الإسلامية من جامعة الأزهر، حيث ركزت على تاريخ الفكر الإسلامي وتأثيره على الحضارات. لدي خبرة تمتد لأكثر من عشر سنوات في الكتابة والبحث، حيث نشرت العديد من المقالات والكتب التي تناقش القضايا المعاصرة من منظور إسلامي. شغفي يكمن في توضيح الجوانب التاريخية والفكرية للإسلام، وأسعى دائمًا لتقديم محتوى يجمع بين الأصالة والمعاصرة. أهدف من خلال كتاباتي إلى بناء جسور من التفاهم بين الثقافات المختلفة، وإبراز جمال وقيم الإسلام في حياتنا اليومية.
Leave a Comment